للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وضاعف برمهم به أنه كان إذا بعث سرية فأصاب جنودها وغنموا وسبوا، رد الذراري السبي، وعاقب السرية.

فقال الهجري يهجوه هجاء مقذعا، فيه التحقير له، والتشنيع عليه، والتشهير به. وما من ريب في أن هجاءه يدل على حقيقة الرجل وسياسته، ويكشف عن رأي جنوده في قيادته العكسرية، وإدارته المدنية١:

وأنت لمن عاديت عرس حفية ... وأنت علينا كالحسام المهند٢

فلله در الصغد لما تحزبوا ... ويا عجبا من كيدك المتردد

فأقصاه عمر بن هبيرة الفزاري عن خراسان، وولاها سعيد بن عمرو الحرشي٣، فوصل إلى سمرقند والجنود العرب مطوقون، فحمسهم وشجعهم، ووعدهم بقيادة حازمة فخشي الصغد أن يفتك بهم، لأنهم تمرودا وأعانوا الترك في ولاية سعيد بن عبد العزيز، فرحلوا إلى فرغانة، ونزلوا بخجندة. فأسرع إليهم سنة أربع ومائة، وأوقع بهم، فاستسلموا له فقتل منهم ثلاثة آلاف، فيهم بعض رؤسائهم وأمرائهم، لأنهم غدروا ببعض الأسرى العرب، فقال ثابت قطنة يعبر عن سروره لما أنزل الحرشي بالصغد من العذاب٤:

أقر العين مصرع كارزنج ... وكشين وما لاقى بيار

وديواشني وما لاقى جلنج ... بحصن خجند إذ دمروا فباروا٥

وأعدم الحرشي كذلك دهقانا من دهاقين الصغد بمرو الشاهجان، وصلبه في الميدان. فقال أحد الرجاز يصف همة الحرشي القوية، وما أصاب الترك من البلاء على يديه، بعد أن ضيقوا على العرب٦:


١ أنساب الأشراف ٥: ١٦١، والطبري ٩: ١٤٣١، وابن الأثير ٥: ٩٦.
٢ في الطبري: عرس خفية. والعرس: الزوجة. والحفية: المبالغة في بر زوجها وإكرامه.
٣ انظر ترجمته في تهذيب تاريخ ابن عساكر ٦: ١٦٤.
٤ الطبري ٩: ١٤٤٦، وابن الأثير ٥: ١٠٩.
٥ ديواشي: دهقان أهل سمرقند. وكارزنج وكشين: من عظماء الصغد.
٦ الطبري ٩: ١٤٤٩.

<<  <   >  >>