للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إذا سعيد سار في الأخماس ... في رهج يأخذ بالأنفاس

دارت على الترك أمر الكأس ... وطارت الترك على الأحلاس١

ولو فرارا عطل القياس

ولما ولي أسد بن عبد الله القسري، قصر عن متابعة حركة الغزو والفتح فيما وراء النهر، فاكتفى بمهاجمة نواحي هراة الجبلية. ففي سنة سبع ومائة غزا الغور، فعمد أهلها إلى أثقالهم فصيروها في كهف ليس إليه طريق. فأمر باتخاذ توابيت، ووضع فيها الرجال، ودلاها بالسلاسل، فاستخرجوا ما قدروا عليه. فقال ثابت قطنة يمدحه٣:

أرى أسدا تضمن مفظعات ... تهيبها الملوك ذوو الحجاب٣

سما بالخيل في أكتاف مرو ... توفزهن بين هلا وهاب٤

إلى غورين حيث حوى أزب ... وصك بالسيوف وبالحراب٥

هدانا الله بالقتلى تراها ... مصلبة بأفواه الشعاب

ملاحم لم تدع لسراة كلب ... مهاترة ولا لبني كلاب

فأوردها النهاب وآب منها ... بأفضل ما يصاب من النهاب

وكان إذا أناخ بدار قوم ... أراها المخزيات من العذاب

ألم يزر الجبال ملع ... ترى من دونها قطع السحاب

بأرعن لم يدع لهم شريدا ... وعاقبها الممض من العقاب٦

وفي السنة التالية قطع النهر إلى الختل، فاستجلب أميرها خاقان، فتقهقر أسد إلى


١ الأحلاس من الخيل: التي لونها بين السواد والسمرة.
٢ الطبري ٩: ١٤٨٩.
٤ المفظعات: الشدائد الشنيعة.
٥ هلا: زجر للخيل لتسرع في العدو. وهاب: دعاء لها لكي تقبل وتتقدم. والقوفز: الوثوب.
٥ الأزب: الداهية. والصك: الضرب الشديد.
٦ الأرعن: الجبل الشاهق. والممض: المؤلم الموجع.

<<  <   >  >>