للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ما دون النهر، فاتبعه خاقان، وأصاب الجند في الغزاة جوع شديد. ويقال: إنه رجع مغلولا إلى خراسان، فتغنى عليه الصبيان بأبيات من الرجز فضحوه بها، وتهكموا عليه فيها١. ويقال: بل ظهر على الختل، واكتسحها فأسر وسبى وغنم. ثم عطف على غورين سنة تسع ومائة فأوقع بأهلها. فقال ثابت قطنة يمدحه٢:

أرى أسدا في الحرب إذا نزلت به ... وقارع أهل الحرب فاز وأوجبا٣

تناول أهل السبل خاقان ردؤه ... فحرق ما استعصى عليه وخربا٤

أتتك وفود الترك ما بين كابل ... وغورين إذ لم يهربوا منك مهربا

فما يغمز الأعداء من ليث غابة ... أبى ضاريات حرشوه فعقبا٥

أزب كأن الورس فوق ذراعه ... كريه المحيا قد أسن وجربا٦

ألم يك في الحصن المبارك عصمة ... لجندك إذ هاب الجبان وأرهبا

بنى لك عبد الله حصنا ورثته ... قديما إذا عد القديم وأنجبا

ويبدو أن أسدا شن تلك الغارات على المنطقة الجنوبية الشرقية من خراسان، وما يجاروها من الختل، ليطهرها تطهيرا تاما، لأنه كان يعد للانتقال من مرو الشاهجان إلى بلخ. ومع أن غاراته لم تسفر عن نتائج هامة فإنها حركت ثابت قطنة، وأنطقته بعد أن صمت عن النظم ما يربو على عشرين عاما، وقعت فيها معارك كبيرة، وأحداث خطيرة، فإذا هو يهلل لغزوات أسد ويضخمها، ويكيل له المديح عليها، لما سبق إليه بها من مكاسب عسكرية ومادية، مدعيا أنه حطم جيوشا


١ الطبري ٩: ١٤٩٢، ١٤٩٤.
٢ الطبري ٩: ١٤٩٦.
٣ أوجب: عمل عملا يدخله الجنة.
٤ السبل: أمير الختل. والردء: المعين.
٥ في الأصل: "فما يغمز الأعداء" وهو تحريف ظاهر. وغمز: عصر، من الغمز، وهو العصر والكبس باليد. "انظر اللسان: غمز" وحرشوه: أثاروه وأغروه. وعقب: كر ورجع.
٦ الورس: صبغ أصفر.

<<  <   >  >>