للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جرارة، قادها إليه السبل وخاقان، وحقق انتصارات غريبة نادرة، عجز عن تحقيقها من سبقوه من الولاة.

وهي انتصارات بعضها حقيقي يتمثل في ظفره بنمرون ملك غرجستان، وفي ظفره بأهل الغور والغورين، ولكنها تظل صغيرة، لا شأن لها بالنسبة إلى انتصارات قتيبة بن مسلم الكبيرة. وبعضه فيه شيء من التهويل، إن لم يكن ملفقا مختلفا، ولا سيما ما يتصل بهجومه على الختل، فإن المؤرخين لم يتفقوا على أن أسدا هزم السبل، وقهر خاقان، وإنما هم مختلفون في ذلك، فمنهم من يقول إنه قفل من الختل مدحورا، ومنهم من يقول: إنه عاد منصورا.

وإنما فخم ثابت قطنة غزوات أسد ونفخ فيها، لأنه كان متحزبا له ولليمنية، ولأنه كان يريد أن يكاثر به القيسية، فقد رفع أسد مكانة الأزد بعد انحطاطها في ولاية قتيبة بن مسلم، والجراح الحكمي، وسعيد بن عبد العزيز، وسعيد الحرشي، كما أنه أحرز لهم مناصب عظيمة حازوا بها فوائد جليلة لم يستطع يزيد بن المهلب تحقيقها لهم، حين ولي خراسان بعد هلاك قتيبة بن مسلم، لأن ولايته كانت قصيرة لم تتجاوز السنتين.

وفي سنة عشر ومائة خرج أشرس بن عبد الله السلمي إلى سمرقند ليقضي على فتنة الصغد والترك، فنزل بآمل، وأقام بها ثلاثة أشهر، وعبر قطن بن قتيبة الباهلي النهر في عشرة آلاف، فاندفع إليه الترك وحاصروه، فوجه إليه أشرس كتيبة ساعدته، وطردت الترك عنه، واستنقذت الأسرى من أيديهم. ثم اجتاز أشرس النهر إليه، وسير أمامه سرية بقيادة رجل اسمه مسعود أحد بني حيان، لتكون طليعة له، فأكمن الترك له كمينا، وقتلوا عددا من فرسانها. فرجع مسعود إليه مهزوما. فقال أحد الشعراء من الجند يهزأ به، ويسجل فضله١:


١ الطبري ٩: ١٥١٣.

<<  <   >  >>