للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفار مذعور يخشى الموت، ناعيا على القبائل المضرية المختلفة تخاذلها وترددها، حتى أغرت خاقان بالهجوم على غرب خراسان٣:

أبا منذر رمت الأمور فقستها ... وساءلت عنها كالحريص المساوم

فما كان ذو رأي من الناس قسته ... برأيك إلا مثل رأي البهائم

أبا منذر لولا مسيرك لم يكن ... عراق ولا انقادت ملوك الأعاجم

ولا حج بيت الله مذ حج راكب ... ولا عمر البطحاء بعد المواسم

فكم من قتيل بين سان وجزة ... كثير الأيادي من ملوك قماقم١

تركت بأرض الجوزجان تزوره ... سباع وعقبان لحز الغلاصم٢

وذي سوقة فيه من السيف خطة ... به رمق حامت عليه الحوائم٣

فمن هارب منا ومن دائن لنا ... أسير يقاسي مبهمات الأداهم٤

فدتك نفوس من تميم وعامر ... ومن مضر الحمراء عند المآزم

هم اطمعوا خاقان فينا فأصبحت ... حلائبه ترجو احتواء المغانم

ومن الغريب أن يتغاضى ابن السجف المجاشعي التميمي عن تعصب أسد للأزد٥، ويحمد له معروفه، وتأليفه بين العرب، ويمجد إراداته وبسالته وردعه لخاقان والحارث بن سريج. والأغرب أن لا يقف أبو الهندي التميمي عند تعظيمه له، فقد تجاوزه إلى تقريع تميم وغيرها من القبائل القيسية، متهما لها بالتهاون وقلة المبالاة.

ولكن إذا عرف السبب، بطل العجب، كما يقولون. فشعراء تميم إنما وقفوا هذا


١ الطبري ٩: ١٦١٧، ابن الأثير ٥: ٢٠٦.
١ القماقم: جمع قمقام، وهو السيد الكثير الخير، الواسع الفضل. وسان: من قرى بلخ.
٢ الغلاصم: جمع غلصمة، وهي اللحم الذي بين الرأس والعنق.
٣ الحوائم: الطيور التي تدور حول الجريح تنتظر موته حتى تنقض عليه وتنهشه.
٤ الأداهم: الدواهي.
٥ الطبري ٩: ١٦٦٤.

<<  <   >  >>