للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأراك فيها ما أرى من صالح ... فتحا وأبواب السماء رواعف١

فمضى لك الاسم الذي يرضى به ... عنك البصير بما نويت اللاطف

يا خير ملك ساس أمر رعية ... إني على صدق اليمين لحالف

الله آمنها بصنعك بعدما ... كانت قلوب خوفهن رواجف٢

ومع ما سدده شعراء اليمن وربيعة إلى الجنيد بن عبد الرحمن المري من سهام الهجاء الجارحة، وما صبوه عليه من اللعنات لأنه ورط الجيش العربي في فاتحة معركة الشعب، ثم هزم خاقان في خاتمتها، فإننا نرى بعض شعراء عبد القيس يمدحونه مستشعرين فيما يبدو دقة الظرف الذي ناهض فيه الترك وصعوبته، ومقدرين أنه لم يزحف إلى سمرقند بمحض إرادته بل سار إليها مرغما، وجر إليها جرا، ليحرر العرب المحاصرين بها، وممن مدحوه منهم أبو الجويرية عيسى بن عصمة العبدي، وهو ينوه في مقطوعة حبرها فيه بأصالة محتده، وشرف أسرته، وما عرف به بنو مرة على طول التاريخ من صفح عند المقدرة، وغناء في الشدة، واستشهاد في ميادين القتال، وبذل للأموال. يقول٣:

بيت بناه سنان ثم شيده ... بحيث طنب في أثنائه الكرم

الصافحون بأحلام إذا قدروا ... والضاربون إذا ما اعصوصب القتم٤

القتل ميتتهم والجود عادتهم ... والحلم والعزم من أخلاقهم شيم

ومن الشخصيات الممدحة نصر بن سيار. فهذا ثابت قطنة يطوقه مدحة كفاء عطفه عليه، ذلك أن المجشر بن مزاحم السلمي، أمير حرب سمرقند لأشرس بن


١ رواعف: منهلة المطر.
٢ خوفهن: أي بخوفهن.
٣ معجم الشعراء ص: ٩٥. وفيه أن اسمه عيسى بن أوس بن عصية بن عبد القيس. وفي الطبري ٩: ١٥٦٥، عيسى بن عصمة. وانظر ياقوت ٢: ٨٥٧. وله فيه مدحة أخرى "انظر المصون في الأدب ص: ٩٦، وديوان المعاني ١: ٢٤" وله فيه مدحة ثالثة "انظر الأغاني "طبعة دار الكتب" ٢٠: ٤١٠، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ٣: ٤١٦".
٤ اعصوصب: اجتمع وتكاثف والقتم: الغبار.

<<  <   >  >>