للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحرب. ويقاتل قتال الأبطال، لاتصافهما بالشهامة والإباء، وحرصهما على العمل الصالح. يقول١:

سأنطق حقا فيهما إذ سألتني ... وليس أخو حق كحيران جاهل

هما البحران للعافين والمبتغي القرى ... وليثا عرين عند وقع المناصل٢

هما يردان الموت لا يرهبانه ... إذا ضج منه كل أشوس باسل٣

حياء وبذلا للنفوس وحسبة ... بكل سريجي وأسمر عاسل٤

والأرجح أن الفرات وقف موقفه الجسور الناقد ليزيد، لأنه عير الأزد وبكرا في ولايته الثانية بخيرات المهالبة وأفضالهم عليهم، لسكونهم عن قيام وكيع بن أبي سود التميمي بالحكم بعد مقتل قتيبة بن مسلم، وعدم احتجاجهم عليه، ولأنه تحزب للأزد تحزبا بينا، وأطرح بكرا، وقرب أهل الشام وخراسان٥.

وحين أعمر أسد بن عبد الله القسري مدينة بلخ، وأسكن بها الجنود العرب الذين كانوا ينزلون من قبل بالبروقان، مدحه أبو البريد البكري لبنيانه إياها، وتأمينه الجنود بها، مما نفى عنهم الخوف والفزع، وأدخل في قلوبهم الطمأنينة والسكينة، بعد أن كانوا ظاهرين للعدو بالبروقان، ورجا أن تكون له دار عز ومنعة وبركة، ومضى يشيد بسياسته العادلة لرعايته الجنود ومحافظته على أرواحهم، وعنايته بشؤون الناس، وتلبية حاجاتهم، فنال بذلك رضوان ربه. يقول٦:

إن المباركة التي أحصنتها ... عصم الذليل بها وقر الخائف


١ معجم الشعراء ص: ١٩٠.
٢ العافين: الأضياف، وطلاب المعروف. والمناصل: جمع منصل، وهو السيف.
٣ الأشوس: الرافع رأسه كبرا.
٤ الحسبة: احتساب الأجر على الله، والسريجي: السيف المنسوب إلى ابن سريج، وهو قين معروف كان يصنع السيوف. والعاسل: الرمح شديد الاهتزاز للدونته.
٥ نقائض جرير والفرزدق ١: ٣٦٨، والطبري ٩: ١٣١٣، وابن الأثير ٥: ٢٥.
٦ الطبري ٩: ١٤٩.

<<  <   >  >>