للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا أبو نميلة صالح بن الأبار، مولى بني عبس يمدح نصرا بعد أن عين واليا على خراسان، وكان أبو نميلة خرج مع يحيى بن يزيد العلوي، ولم يزل معه حتى قتل بالجوزجان، فوجد عليه نصر لذلك. فأتى عبيد الله بن بسام صاحب نصر، فأنشد بين يديه هذه القصيدة مصورا فرقه وقلقه حتى استشفع له ابن بسام عنده، ومنوها بخصال نصر الحميدة من شهامة، وصرامة، وصلابة، ووقارة، ورزانة، يقول١:

قد كنت في همة حيران مكتبئا ... حتى كفاني عبيد الله تهمامي

نايدته فسما للمجد مبتهجا ... كغرة البدر جلى وجه إظلامي

فاسم برأي أبي ليث وصولته ... إن كنت يوم حفاظ بامرئ سامي

تظفر يداك بمن تمت مروءته ... واختصه ربه منه بإكرام

ماضي العزائم ليثي مضاربه ... على الكريهة يوم الروع مقدام

لا هذر ساحة النادي ولا مذل ... فيه ولا مسكت إسكات أفحام٢

له من الحلم ثوباه ومجلسه ... إذا المجالس شانت أهل أحلام

وحينما استولى الأزد وأهل اليمن على مرو الشاهجان، وطردوا نصرا عنها، واشتطوا في تعذيب المضريين وتقتيلهم واغتصاب أموالهم، امتدح أبو بكر بن إبراهيم عليا، وعثمان، ابني جديع الكرماني، بقصيدة طويلة، أثنى فيها عليهما، لأنهما اقتديا بأبيهما، وحاولا بلوغ شأوه، ووصفهما بالكرم والسماحة والتقى والورع والكمال والبأس، مما سهل لهما قهر نصر، وقتل الحارث بن سريج، يقول٣:

إني لمرتحل أريد بمدحتي ... أخوين فوق ذرى الأنام ذراهما

سبقا الجياد فلم يزالا بخعة ... لا يعدم الضيف الغريب قراهما

يستعليان ويجريان إلى العلا ... ويعيش في كنفيهما حياهما


١ الطبري ٩: ١٧٢٤.
٢ المذل: الضجر. القلق.
٣ الطبري ٩: ١٩٣٦.

<<  <   >  >>