للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويصح أن ندخل في الهجاء الشخصي الأهاجي التي تراشق بها الشعراء بسبب تنافسهم في الجوائز والمراكز عند الأمراء. وأشهر ما يروى من ذلك الهجاء الذي اتصل بين المغيرة بن حبناء التميمي، وزياد الأعجم مولى عبد القيس. فقد اجتمعا مع كعب الأشقري عند المهلب بن أبي صفرة، ومدحوه جميعا، فوهب زيادا غلاما فصيحا لينشد عنه شعره، لأنه كان ألكن لا يفصح، فظن المغيرة أنه فضله عليه، فراجعه، وبلغ زيادا ما كان منه فهجاه بقوله١:

أرى كل قوم ينسل اللؤم عندهم ... ولؤم بني حبناء ليس بناسل٢

يشب مع المولود مثل شبابه ... ويلقاه مولودا بأيدي القوابل

ويرضعه من ثدي أم لئيمة ... ويخلق من ماء امرئ غير طائل٣

تعالوا فعدوا في الزمان الذي مضى ... وكل أناس مجدهم بالأوائل

لكم بفعال تعرف الناس فضله ... إذا ذكر الأملاء عند الفضائل٤

فغازيكم في الجيش ألأم من غزا ... وقافلكم في الناس ألأم قافل

وما أنتم من مالك غير أنكم ... كمغرورة بالبو في ظل باطل٥

بنو مالك زهر الوجوه وأنتم ... تبين ضاحي لؤمكم في الجحافل٦

فأجابه المغيرة بقوله٧:

أزياد إنك والذي أنا عبده ... ما دون آدم من أب لك يعلم


١ الأغاني "طبعة دار الكتب" ١٣: ٩٠.
٢ ينسل: يسقط.
٣ غير طائل: خسيس، وضيع.
٤ الأملاء: جمع ملأ، وهم الأشراف.
٥ كمغرورة بالبو: أي كمخدوعة بالجلد الذي حشي تبنا، فتحن له. والمراد أن هذه القبيلة تتوهم أن نسبها إلى مالك نسب حقيقي.
٦ الجحافل هنا: الشفاه.
٧ الأغاني "طبعة دار الكتب" ١٣: ٩٢.

<<  <   >  >>