للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالحق بأرضك يا زياد ولا ترم ... ما لا تطيق وأنت علج أعجم١

أظننت لؤمك يا زياد يسده ... قوس سترت بها قفاك واسهم

علج تعصب ثم راق بقوسه ... والعلج تعرفه إذا يتعمم

ألق العصابة يا زياد فإنما ... أخزاك ربي إذ غدوت ترنم

واعلم بأنك لست مني ناجيا ... إلا وأنت ببظر أمك ملجم

نهجو الكرام وأنت ألأم من مشى ... حسبا وأنت العلج حين تكلم

ولقد سألت بني نزار كلهم ... والعالمين من الكهول فأقسموا

بالله ما لك في معد كلها ... حسب وإنك يا زياد مؤذم٢

لقد حاول زياد أن يعيب المغيرة من جهة نسبه وحسبه، ففتح له بابا واسعا يهجوه منه، إذ كان زياد أعجميا مولى لعبد القيس، وكان المغيرة عربيا تميميا، وابن عبد القيس من تميم شرفا وعظمة! ولم يزل المغيرة يأتيه من هذا الباب معرضا بعجميته، وأنه لا يمكن أن يبلغ مبلغ العرب الأصلاء الصرحاء، مهما تعرب، وكيفما اصطنع التعرب، وكيفما شد العمامة على رأسه، ومهما يحمل من الأقواس والسهام، لأن لسانه يفضحه ويدل على أصله، حتى لم يبق فيه بقية من كرامة أو عزة، وحتى أذل مواليه من عبد القيس، لأنهم شجعوه على هجائه، فرضخوا له، وتبرأوا إليه منه، على أن يكف عن هجائهم٣.

واحتدمت منافرة ثانية بين ثابت قطنة الأزدي، وحاجب بن ذبيان التميمي، في مجلس يزيد بن المهلب، لتسابقهما إلى الصلات السنية والمكانة الأدبية. ذلك أن حاجبا وفد على يزيد فمدحه، فأمر له بدرع وسيف ورمح وفرس٤، فاستاء


١ العلج: الرجل من كفار العجم.
٢ الموذم: المقطع، وكلب موذم: أي في عنقه قلادة.
٣ الأغاني "طبعة دار الكتب" ١٣: ٩٥.
٤ الأغاني "طبعة دار الكتب" ١٤: ٢٦٤.

<<  <   >  >>