للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثابت، ثم إنه مدح يزيد مرة أخرى، وسأله، فلبى له ما طلبه١، فحسده ثابت، وهجاه بقوله٢:

أحاجب لولا أن أصلك زيف ... وأنكم مطبوع على اللؤم والكفر

وإني لو اكثرت فيك مقصر ... رميتك رميا لا يبيد يد الدهر

فقل لي ولا تكذب فإني عالم ... بمثلك هل في مازن لك من ظهر

فإنك منهم غير شك ولم يكن ... أبوك من الغر الجحاجحة الزهر٣

أبوك ديافي وأمك حرة ... ولكنها لا شك وافية البظر٤

فلست بهاج وابن ذبيان إنني ... سأكرم نفسي عن سباب ذوي الهجر٥

فهو يقذفه بسقوط النسب، وخبث الطبع، وفساد الدين، ويعبث به عبثا ظاهرا في سائر هجائه له، فهو يوثق نسبه في مازن، ولكنه ينفي أن يكون أبوه من سادتها النابهين المقدمين، أو أن يكون له فيها سند قوي، ويستمر في العبث به، زاعما أن أباه نبطي، وأن أمه عربية، غير أنه ينكر عليها أن تكون مسلمة، لأنها لم تختتن.

فهاج حاجب، ولم يقنع بهجاء ثابت والأزد وحدهم، بل عمم بهجائه أهل اليمن جميعهم، راميا لهم بالضعف والخمول، ومفضلا عليهم الزنج نسبا ومكانة، وواصفا إياهم بالصغار، وأنهم يهتضمون القهر، ويستنيمون للهوان، ولا يطيرون لنجدة جيرانهم، بل يتركونهم للغزاة، وأفحش في هجائه لهم، إذا اختتمه باتهام نسائهم بأنهن رغيات يأتيهن كل من أرادهن، يقول٦:


١ المصدر نفسه ص: ٢٦٧.
٢ المصدر نفسه ص: ٢٦٧.
٣ الجحاجحة: جمع جحجح: وهو السيد.
٤ دياف: من قرى الشام أو الجزيرة، وأهلها نبط، وإذا عرضوا برجل أنه نبطي نسبوه إليها.
٥ الهجر: القبيح من الكلام.
٦ الأغاني "طبعة دار الكتب" ١٤: ٢٦٨.

<<  <   >  >>