للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

دعوني وقحطانا وقولوا لثابت ... تنح ولا تقرب مصاولة البزل١

فللزنج خير حين تنسب والدا ... من ابناء قحطان العفاشلة الغرل٢

أناس إذا الهيجاء شبت رأيتهم ... أذل على وطء الهوان من النعل

نساؤهم فوضى لمن كان عاهرا ... وجيرانهم نهب الفوارس والرجل

ولم يزل بثابت يهجوه كلما أخطأ أو أساء حتى لطخه بكثير من النقائص، وحد من غلوائه وكبريائه.

ونوع ثالث من الهجاء دوافعه أو مقاصده قبلية أو حزبية، فهو يعود من ناحية إلى تناقض مصالح الحلف الواحد، وتفسخ قبائله، وتصارعها وتعازلها وانطواء كل قبيلة منها على نفسها. ومن الشواهد على ذلك الهجاء الذي تقاذف به كعب الأشقري، وزياد الأعجم بسبب شر وقع بين الأزد وعبد القيس، وحرب سكنها المهلب، وأصلح بينهم، وتحمل ما أحدثه كل فريق على الآخر، وأدى دياته٣. ومنه قول كعب يهجو عبد القيس بالخمول، ويتنصل من انتسابه إليها عن طريق أمه٤:

إني وإن كنت فرع الأزد قد علموا ... أخزى إذا قيل عبد القيس أخوالي

فهم أبو مالك بالمجد شرفني ... ودنس العبد عبد القيس سربالي

وقوله يسمها بضعة منزلتها، وضعفها، وأنها لا تثور للدفاع عن محارمها وأعراضها، ولا تغني في المحن٥:

لعل عبيد القيس تحسب أنها ... كتغلب في يوم الحفيظة أو بكر٦

يضعضع عبد القيس في الناس منصب ... دني وأحساب جبرن على كسر


١ البزل: جمع بازل، وهو الرجل الكامل في تجرته.
٢ العفاشلة: جمع عفشل، وهو الثقيل الوخم. والغرل: جمع أغرل، وهو الذي لم يختن.
٣ الأغاني "طبعة دار الكتب" ١٤: ٢٨٧.
٤ المصدر نفسه ص: ٢٨٨.
٥ المصدر نفسه ص: ٢٨٩.
٦ الحفيظة: الذب عن المحارم، والمنع لها عند الحرب.

<<  <   >  >>