للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لم يبق منها ومن أعلام عرصتها ... إلا شجيج وإلا موقد النار١

وماثل في ديار الحي بعدهم ... مثل الربيئة في أهدامه العاري٢

ديار ليلى قفار لا أنيس بها ... دون الحجون واين الحجن من داري٣

بدلت منها وقد شط المزار بها ... وادي المخافة لا يسري بها الساري

بين السماوة في حزم مشرقة ... ومعنق دوننا آذيه جاري٤

نقارع الترك ما تنفك نائحة ... منا ومنهم على ذي نجدة شادي

كذلك تحولوا بالمقدمة الغزلية من وصف التذلل والخضوع للمرأة، وتشخيص محاسنها ومفاتنها الجسدية التي تسحر الألباب، إلى الحديث للمحبوبة عن أدوارهم البطولية في القتال، وثباتهم في النزال، وبثوها آلامهم لما يطبق عليهم في بعض المواقع من خطر، يحمل معه نذر الموت، كما يظهر في مقدمة الشرعبي الطائي لقصيدته العينية التي ذم فيها الجنيد بن عبد الرحمن المري، لانهزامه في أول معركة الشعب٥. ومثلها مقدمة لجرير بن عرادة التميمي أدار فيها حوارا بينه وبين صاحبته، سألته فيه أن يخف للذب عن بني تميم إزاء تصغير الزغل الجرمي لهم، فرد عليها بأنه نهاض دائما إلى الدفاع عنهم، في النائبات، يقول٦:

ألم ترني أن الثريا تلومني ... وقبلك ما عاصبت لوم العواذل

ألا حين كان الرأس لونين منهما ... سواد ومخضوب به الشيب شامل

تقول أنى يوم القيامة فاصطنع ... لنفسك خيرا قلت إني لفاعل٧


١ الشجيج: الوتد المشقوق الرأس.
٢ الماثل: الرماد. والربيئة: طليعة القوم الذي ينتظر لهم حتى لا يدهمهم للعدو. ولا يكون إلا على جبل، أو مرتفع ينظر منه.
٣ الحجون: جبل بأعلى مكة.
٤ الحزم: ما غلظ من الأرض وكثرت حجارته. والمشرقة: الشرقية. المعنق: المرتفع، والآذي: الموج.
٥ الطبري ٩: ١٥٥٤.
٦ نقائض جرير والفرزدق ١: ٣٦٩.
٧ في الأصل: أتى. وأنى: حان.

<<  <   >  >>