للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وحدث أن قاد أشرس حملة إلى سمرقند ليبطش بالثائرين من أهلها، فنزل بآمل، فانقض عليه الترك، فأطلق سراح ثابت بكفالة١، فحارب الترك مع عبد الله بن بسطام حتى استخلصوا من وقع من العرب بأيديهم، فاجتاز أشرس النهر، فتصدى له الترك، ودارت بينهم وبينه معركة استشهد فيها ثابت وعدد من الفرسان، سنة عشر ومائة٢.

وهو ينزع في شعره عن دائرة العصبية لقومه من الأزد، فقد خص بمدائحه الولاة اليمنيين، ولم ينظم بيتا واحدا في مديح الولاة القيسيين الذين تناوبوا على حكم خراسان. ومن شعره في مديح المهلب، قوله الذي يشيد فيه بسيرته العاطرة، وسياسته السديدة، وكرمه الذي لا يبارى، وعفوه عند المقدرة٣:

أبا خالد زدت الحياة محبة ... إلى الناس أن كنت الأمير المتوجا

وحق لهم أن يرغبوا في حياتهم ... وبابك مفتوح لمن خاف أو رجا

تزيد الذي يرجو نداك تفضلا ... وتؤمن ذا الإجرام إن كان محرجا

وقدمنا في الفصل الثاني أنه امتدح أسدا القسري بمقطوعتين حين هاجم جبال الغور والغورين من نواحي هراة٤.

وعندما لحق يزيد بن المهلب بالبصرة، واستولى عليها، وحبس عاملها عدي بن أرطأة الفزاري، وخلع يزيد بن عبد الملك، اندفع ثابت يستفزه لكي يمضي في ثورته، مشجعا له على التحرك السريع، واغتنام الوقت قبل أن تضيع الفرصة منه، ونافخا فيه من روح أبيه، وروح قومه من الأزد، وحلفائهم من ربيعة، الذين أحاطوا به، وصمموا على مساندته لاعتقادهم بصحة مذهبه، وبحقه في الخلافة، ومتمنيا لو كان بالعراق هو ومن كان من الأزد بخراسان ليظاهره. يقول٥:


١ الطبري ٩: ١٥١٢.
٢ الطبري ٩: ١٥١٤، وابن الأثير ٥: ١٥.
٣ رسائل الجاحظ ٢: ٨٣.
٤ رسائل الجاحظ ٢: ٨٣، والطبري ٩: ١٤٨٩، ١٤٩٦.
٥ الأغاني ١٤: ٢٧٧.

<<  <   >  >>