للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومدح قتيبة بن مسلم فلم يجزه، فانبرى يشهر به، بل يعبر عن عدائه الدفين له، ولكن في حذر واحتياط، إذ اتخذ من مديح يزيد بن المهلب وسيلة إلى تجريحه، يقول١:

أبا خالد لم يبق بعدك سوقة ... ولا ملك ممن يعين على الرفد٢

ولا فاعل يرجو المقلون فضله ... ولا قائل ينكا العدو على حقد٣

لو أن المنايا سامحت ذا حفيظة ... لأكرمنه أو عجن عنه على عمد

وانهزم قتيبة وقومه عن الترك في إحدى المعارك، وثبت بنو تميم في الميدان، فوجد ثابت الفرصة سانحة لذم الباهليين، فعرض بهم، ومدح التميميين، وفضل الأزد عليهم أجمعين. يقول٤:

توافت تميم في الطعان وعردت ... بهيلة لما عاينت معشرا غلبا٥

كماة كفاة يرهب الناس حدهم ... إذا ما مشوا في الحرب تحسبهم نكبا٦

تسامون كعبا في العلا وكلابها ... وهيهات أن تلقوا كلابا كعبا

فأفشى عليه روايته الأبيات، وكان استكتمه إياها. فقال يصف فزعه من انتشارها، وخشيته من معاقبة قتيبة له عليها، ويعلن أنه كثيرا ما نوى أن يهجر راويته، ولكنه لم ينفذ قراره، لأنه من ربيعة حلفاء قومه٧:

يا ليت لي بأخي نضر أخا ثقة ... لا أرهب الشر منه غاب أو شهدا

أصبحت منك على أسباب مهلكة ... وزلة خائفا منك الردى أبدا


١ الأغاني ١٤: ٢٨١.
٢ الرفد: العطاء.
٣ ينكا: يقهر ويذل.
٤ الأغاني ١٤: ٢٧٤.
٥ عردت: هربت. وغلب: جمع أغلب، وهو الغليظ الرقبة. وهم يصفون أبدا السادة بغلظ الرقبة وطولها.
٦ النكب: جمع نكباء وهي كل ريح انحرفت ووقعت بين ريحين، وهي تهلك المال، وتحبس القطر.
٧ الأغاني ٤: ٢٧٤.

<<  <   >  >>