للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قتالهم، وأصبحوا كالنساء يرتجفون رعبا ورهبا. حتى إذا هب المهلب لنضالهم، لبت قبيلته نداءه، وخرجت في كتائب جرارة لمكافحتهم١:

واستسلم الناس إذ حل العدو بهم ... فما لأمرهم ورد ولا صدر

وما تجاوز باب الجسر من أحد ... وعضت الحرب أهل المصر فانجحروا

وأدخل الخوف أجواف البيوت على ... مثل النساء رجال ما بهم غير

واشتدت الحرب والبلوى وحل بنا ... أمر تشمر في أمثاله الأزر

نظل من دون خفض معصمين بهم ... فشمر الشيخ لما أعظم الخطر

كنا نهون قبل اليوم شأنهم ... حتى تفاقم أمر كان يحتقر

لما وهنا وقد حلوا بساحتنا ... واستنفر الناس مرات فما نفروا

نادى امرء لا خلاف في عشيرته ... عنه وليس به في مثله قصر

تلبسوا لقراع الحرب بزتها ... فأصبحوا من وراء الجسر قد عبروا

ساروا بألوية للمجد قد رفعت ... وتحتهن ليوث في الوغى وقر

ومضى يفصل في منازلة المهلب والأزد للأزارقة في رام هرمز، وسابور، وكازرون، ودشت بارين، وجييرين، وكرمان، وما تكبده الفريقان من الضحايا، حتى نفاهم المهلب عن كل تلك الأماكن نفيا، وخسفهم بها خسفا:

تأتي علينا حزازات النفوس فما ... نبقي، عليهم وما يبقون إن قدروا

ولا يقبلوننا في الحرب عثرتنا ... ولا نقيلهم يوما إذا عثروا

ولا عذر يقبل منا دون أنفسنا ... ولا لهم عندنا عذر إذا اعتذروا

صفان بالقاع كالطودين بينهما ... كالبرق يلمع حتى يشخص البصر٢


١ الطبري ٨: ١٠٠٧- ١٠١٧، وانظر مقتطفات من القصية في الأغاني ١٤: ٢٨٤، وسمط الآلي١: ٥٨٩.
٢ شخص البصر، سما وارتفع وطمح.

<<  <   >  >>