للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لا تحسبن بياضا في منقصة ... إن اللهاميم في ألوانها بلق١

وله قصيدة رائية يتمدح فيها بسعة صدره وأخذه قريبه أو مولاه بالعنف، إن كان في أخده به فائدة، ونجدته له في الشدة، ومجازاته لغيره بمثل ما يجازيه به، وصفحه عن المسيء إليه إن كان في صفحه عنه مكرمة، وإخراسه للأحمق وقهره له، وصبره على المكروه، ونجاته منه، وتوسله لإدراك غايته، واحتياله لبلوغ ما يصعب عليه بلوغه من أمانيه، يقول٢:

إذا أنت عاديت امرءا فاظفر به ... على عثرة إن أمكنتك عواثره٣

وقارب إذا لم تجد لك حيلة ... وصمم إذا أيقنت أنك عاقره

إذا المرء أولاك الهوان فأوله ... هوانا وإن كانت قريبا أواصره

فإن أنت لم تقدر على أن تهينه ... فذره إلى اليوم الذي أنت قادره

وقد يعلم المولى على ذاك أنني ... إذا ما دعا عند الشدائد ناصره

وإني لأجزي بالمودة أهلها ... وبالشر حتى يسأم الشر حافره

وأغضب للمولى فأمنع ضيمه ... وإن كان عشا ما تجن ضمائره

واحلم ما لم ألق في الحلم ذلة ... وللجاهل العريض عندي مزاجره٥

وإني لخراج من الكرب بعدما ... تضيق على بعض الرجال حظائره

حمول لبعض الأمر حتى أناله ... صموت عن الشيء الذي أنا ذاخره

ويدخل في شعره الذاتي الهجاء الذي سلطه على زياد الأعجم، في الخصومة


١ اللهاميم: جمع لهموم، وهو الجواد من الخيل.
٢ أمالي القالي ٢: ٢٢٨، ومعجم الشعراء ص: ٢٧٣، والتنبيه على أوهام أبي علي في أماليه ص: ١١٩.
٣ أظفر به: أعلق ظفرك به. ويروى: اطفر له، وهو بنفس المعنى. أو من الطفر، وهو الوثب.
٤ الوغم: القهر. وأخاصره: أبطله. وألبس المولى: أحتمله وأقبله.
٥ العريض: الذي يتعرض الناس بالشر.

<<  <   >  >>