للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفنية التي هاجت بينهما بمجلس المهلب، لتسابقهما إلى المكانة الأدبية. ومنه قوله وقد استعدى العبديون زيادا عليه١:

يقولون ذبب يا زياد ولم يكن ... ليوقظ في الحرب الملمة نائما

ولو أنهم جاءوا به ذا حفيظة ... فيمنعهم أو ماجدا أو مراغما٢

ولكنهم جاءوا بأقلف قد مضت ... له حجج سبعون يصبح رازما٣

لئيما ذميما أعجميا لسانه ... إذا ما نال دنا لم يبال المكارما

وما خلت عبد القيس إلا نفاية ... إذا ذكر الناس العلا والعظائما

إذا كنت للعبدي جارا فلا تزل ... على حذر منه إذا كان طاعما

أناسا يعدون الفساء لجارهم ... إذا شبعوا عند الجباة الدراهما

من الفسو يقضون الحقوق عليهم ... ويعطون مولاهم إذا كان غارما

لهم زجل فيه إذا ما تجاوبوا ... سمعت زفيرا فيهم وهماهما٤

أظن الخبيث ابن الخبيثين أنني ... أسلم عرضي أو أهاب المقاوما

لعمرك لا تهدى ربيعة للحجا ... إذا جعلوا يستنصرون الأعاجما

فهو يستهين به وبمواليه استهانة لاذعة، إذ أنكر عليه أن يكون ذا شأن في الحرب والسلم، وقذفه بارتكاب الكبائر، لإدمانه الخمر، ثم عطف على العبديين الذين استصرخوه عليه، وأغروه به، وهم يعلمون أنه لن يقدم لهم نفعا، فجرحهم تجريحا، إذ دمغهم بأنهم من أرذال الناس، وأنهم لا يحفظون حرمة، وشنع عليهم باتهامه إياهم بأنهم يسدون بفسائهم حاجات جيرانهم، ويدفعون من مغارمهم، ويؤدون ديونهم!!

وبذلك أذل المغيرة العبديين، وفضحهم بين الناس، وأضحكهم منهم، فأتوه


١ الأغاني ١٣: ٩٤.
٢ المرغم: المغاضب.
٣ الأقلف: الذي لم يظهر. والرازم: الذي لا يقدر على النهوض ولا يتحرك هزالا وإعياء.
٤ الزجل: الصوت. والهماهم: تردد الزئير في الصدر.

<<  <   >  >>