للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي سنة اثنتي عشرة ومائة عزم الجنيد على غزو طخارستان، فبعث إليها كتائب عديدة تتقدم إليها من جهات مختلفة، ولم تكد تلك الكتائب تتفرق عنه حتى هاجم الترك سورة بن الحر التميمي بسمرقند، فاستمد الجنيد، ولم تكن لديه قوة، لأن معظم جيشه كان غازيا. فقرر إغاثته، فقطع النهر، ونزل بكس، ومنها سار إلى سمرقند سالكا إليها طريقا جبليا صعبا. فلما كان بشعب جبلي وعر قريب منها فاجأه خاقان في جيش ضخم من الترك والصغد، وأهل فرغانة والشاش، فأحاطوا به، وصارعوه صراعا شديدا، وقتلوا عددا كبيرا من جيشه. ولولا ثبات نصر بن سيار وفرسانه المغاوير، وتفاني جنود الفرقة الخراسانية في القتال لأبيد الجنيد وجيشه، لأن خاقان لم يتراجع بجنوده، بل استمر يحاصر الجيش العربي، فاستنجد الجنيد بسورة بن الحر التميمي، فتوجه إليه من سمرقند، وبينما هو غير بعيد منه هاجمه الترك وقتلوه. وتمكن الجنيد في النهاية من دحر الترك، ودخول سمرقند، فأسرع خاقان إلى بخارى، فتبعه الجنيد إليها، وضربه عند الطواويس ضربة قاضية، وبذلك كللت حملة الجنيد باسترداد سمرقند وبخارى، وبإجلاء عيالات الجنود العرب من سمرقند، إلى مرو الشاهجان١.

وفي سنة ست عشرة ومائة خلع هشام الجنيد عن خراسان، لأنه تزوج الفاضلة بنت يزيد بن المهلب٢. وكان هشام يكره يزيد، ويعتبره خارجا على بني أمية، لأنه ثار عليهم بالبصرة في مطلع القرن الثاني٣. واستعمل عليها عاصم بن عبد الله الهلالي، فوصل إلى مرو الشاهجان، وقد مات الجنيد حتف أنفه، فحبس عمارة بن حريم، ابن عم الجنيد، وحبس موظفي الجنيد، وعذبهم٤.

ولم يكد عاصم يستقر بمرو الشاهجان حتى ثار الحارث بن سريج التميمي بالنخذ، بين الفارياب وزم واليهودية وآمل، ودعا إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله،


١ الطبري ٩: ١٥٣٢، وابن الأثير ٥: ١٦٢.
٢ الطبري ٩: ١٥٦٤.
٣ الطبري ٩: ١٤١٤.
٤ الطبري ٩: ١٥٦٥، وفتوح البلدان ص٤١٨، وابن الأثير ٥: ١٨٢.

<<  <   >  >>