للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والبيعة للرضا. فكان لدعوته صدى واسع في صفوف العرب المتذمرين، وفي نفوس الأعاجم الذين طالما شكوا من الطغيان، وضجوا من الضرائب الباهظة التي لم تكن تسقط عنهم ولا تخف عليهم، حتى بعد إسلامهم، فاحتل الفارياب وبلخ والجوزجان والطالقان ومرو الروذ، وهم على مرو الشاهجان في جيش من الأعاجم ودهاقين المقاطعات التي استولى عليها، وانضم إليه بعض العرب الساخطين من الأزد وتميم. فصد عاصم هجومه الأول على المدينة فعسكر بباب مرو الروذ١.

وفكر عاصم في ضخامة المسؤولية، وصعوبة المشكلات المالية التي أثارت أهل خراسان وما وراء النهر، وقدر أن يستقيل من الولاية، فكتب إلى هشام أن يعفيه، وأن يضيف خراسان إلى صاحب العراق، "فتكون موادها ومنافعها ومعونتها في الأحداث والنوائب من قريب، لتباعد أمير المؤمنين منها، وتباطأ غياثه عنها"، فأضافها إلى خالد بن عبد الله القسري عامل العراق، وأشار عليه أن يبعث إليها أخاه أسدا، ليصلح ما اضطرب من شئونها، ويضع حدا للفتنة بها. فلما أقبل أسد حبس عاصما وحاسبه، لأنه كان اتفق مع الحارث على خلع هشام ومحاربته إذا رفض العمل بالكتاب والسنة، وأطلق سراح عمارة بن حريم، وأخلى سبيل موظفي الجنيد، وقاتل خالد بن عبد الله الهجري الذي والى الحارث بآمل، وعطف على معكسر الحارث، فلم يستطع اقتحامه، ومنع أهل الترمذ من الأعاجم المسلمين الحارث من دخول مدينتهم، فانتقل إلى طخارستان، ثم سار أسد إلى سمرقند، فصرف عنها الهيثم الشيباني، لأنه دخل في طاعة الحارث٢، ورجع إلى بلخ، فسير منها جديع بن علي الكرماني الأزدي إلى قلعة التبوشكان، حيث لجأ الحارث عند أصهاره من التغلبيين فأنزل بهم جديع هزيمة ساحقة، وسبى من كان بالقلعة من العرب والموالي، والذراري، وباعهم فيمن يزيد بسوق بلخ.

وأقام أسد ببلخ، وجعلها مقره الإداري، ونقل الدواوين إليها،


١ الطبري ٩: ١٥٦٦، وابن الأثير ٥: ١٨٣.
٢ الطبري ٩: ١٥٨٩، وابن الأثير ٥: ١٨٦.

<<  <   >  >>