للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلم تسمعوا إلا بمن كان قبلكم ... ولم تدركوا إلا مدق الحوافر١

وأنتم أولى جئتم مع البقل والدبى ... فطار وهذا شخصكم غير طائر٢

ومن أنتم إنا نسينا من أنتم ... وريحكم من أي ريح الأعاصر

فلو رد أهل الحق من مات منكم ... إلى حقه لم تدفنوا في المقابر

وله مرثية واحدة تبلغ خمسين بيتا رثى بها المغيرة بن المهلب، وقد مات حتف أنفه بمرو الشاهجان. ويقول أبو الفرج الأصفهاني: "إنها من نادر الكلام، ونقي المعاني، ومختار القصيد، وإنها معدودة من مراثي الشعراء ومقدمها في عصر زياد"٣ ويصفها ابن خلكان بأنها "من غرر القصائد ونخبها"٤. وقد أوردها أبو علي القلي كاملة. وهو يتفجع فيها على المغيرة ويحصي مناقبه من إباء ومضاء وسخاء، ويعزي أباه عنه. ومنها قوله٥:

قل للقوافل والغزي إذا غزوا ... والباكرين وللمجد الرائح٦

إن المروءة والسماحة ضمنا ... قبرا بمرو على الطريق الواضح

فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كوم الهجان وكل طرف سابح٧

وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخا دم وذبائح

يا من بمهوى الشمس من حي إلى ... ما بين مطلع قرنها المتنازح٨


١ لم تدركوا إلا مدق الحوافر: أي كنتم أذلة يطؤكم كل حافر.
٢ الدبى: صغار الجراد. وهو يرميهم بأنهم لا أصل لهم.
٣ الأغاني ١٥: ٣٨١.
٤ ابن خلكان ٤: ٤٢٦.
٥ ذيل الأمالي ص: ٧-٩ وابن خلكان ٤: ٤٢٦، والأغاني ١٥: ٣٨١، ومعجم الأدباء ١١: ١٧٠، وخزانة الأدب ٤: ١٩٢.
٦ الغزي: اسم جمع للغازي.
٧ الكوم: جمع كوماء، وهي الناقة العظيمة السنام. والهجان: البيض الكرام. والطرف: الكريم من الخيل.
٨ المتنازح: المتباعد.

<<  <   >  >>