للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نهايتهم، يتألم لفقدهم، ويعتذر من تقصيره من إغاثتهم، بأنه بذل كل ما في وسعه، وينعي على قومه تخاذلهم وجبنهم، ويرثي أبطال قبيلته، الذين لاقوا مصارعهم، ويصور ما انتابه من غم وهم، وما أصابه من قنوط ويأس١:

أعاذل إني لم ألم في قتالهم ... وقد عض سيفي كبشهم ثم صما٢

أعاذل ما وليت حتى تبددت ... رجال وحتى لم أجد متقدما

أعاذل أفناني السلاح ومن يطل ... مقارعة الإبطال يرجع مكلما٣

أعيني إن انزفتما الدمع فاسكبا ... دما لازما لي دون أن تسكبا دما٤

أبعد زهير وابن بشر تتابعا ... وورد أرجي في خراسان مغنما٥

أعاذل كم من يوم حرب شهدته ... أكر إذا ما فارس السوء أحجما٦

١ وهكذا استمر ابن خازم يتعقب بني تميم بنواحي خراسان، التي تبعثروا فيها، ولجأوا إليها، وينكل بمن يقع بيديه منهم أبشع التنكيل، ويمثل بهم أشنع التمثيل، حتى كسر شوكتهم، وحطم كبرياءهم، وقتل زعماءهم، وحتى أرغم الحريش بن خلال على الاستسلام والإذعان له بقرية الملحمة. فهادنه الحريش وصالحه على أن يخرج من خراسان كلها، ولا يعود إلى قتاله، ووصله بن خازم بأربعين ألف درهم، وضمن له قضاء دينه.


١ الطبري ٨: ٧٠٠، وابن الأثير ٤: ٢٥٦.
٢ لم ألم: لم آت من الأفعال ما ألام عليه. والكبش: سيد القوم، يريد به ابن خازم، وكان الحريش ضربه برأسه ضربة أطارات فروته على وجهه. وعض السيف: جرح وصمم: مضى في العظم وقطعه.
٣ المكلم: المجرح.
٤ أنزفت العين: ذهب ماؤها ونضب. واللازم: المفروض.
٥ زهير: هو زهير بن ذؤيب وابن بشر: هو عفان بن بشر بن المحتفر، وورد: هو ورد بن الفلق العنبري، وكلهم من فرسان بني تميم وسادتهم.
٦ فارس السوء: فارس الهزيمة والشر، ضد فارس الصدق.

<<  <   >  >>