للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأكثر تقى الله في الأسرار مجتهدا ... إن التقى خيره ما كان مكنونا

واعلم بأنك بالأعمال مرتهن ... فكن لذاك كثير الهم محزونا

إني أرى الغبن المردى بصاحبه ... من كان في هذه الأيام مغبونا

تكون للمرء أحيانا فتمنحه ... يوما عثارا ويوما تمنح اللينا

بينا الفتى في نعيم العيش حوله ... دهر فأمسى به عن ذاك مزبونا١

تحلو له مرة حتى يسر بها ... حينا وتمقره طعما أحايينا٢

هل غابر من بقايا الدهر تنظره ... إلا كما قد مضى فيما تقضونا٣

فامنح جهادك من لم يرج آخرة ... وكن عدوا لقوم لا يصلونا

واقتل مواليهم منا وناصرهم ... حينا تكفرهم والعنهم حينا

والعائبين علينا ديننا وهم ... شر العباد إذا خابرتهم دينا

والقائلين سبيل الله بغيتنا ... لبعد ما نكبوا عما يقولونا٤

فاقتلهم غضبا لله منتصرا ... منهم به ودع المرتاب مفتونا

إرجاؤكم لزكم والشرك في قرن٥ ... فأنتم أهل إشراك ومرجونا

لا يبعد الله في الأجداث غيركم ... إذ كان بينكم بالشرك مقرونا٦

ألقى به الله رعبا في نحوركم ... والله يقضي لنا الحسنى ويعلينا

كيما نكون الموالي عند خائفة ... عما تروم به الإسلام والدينا

وهل تعيبون منا كاذبين به ... غال ومهتضم حسبي الذي فينا

يأبى الذي كان يبلى الله أولكم ... على النفاق وما قد كان يبلينا

فهو يسفه الحارث ويكفره لأنه اتبع مذهب المرجئة، ويحثه على ترك الاعتقاد


١ المزبون: المدفوع الممنوع.
٢ تمقره: من مقره إذا جعله مرا، ويريد تذيقه مر العيش.
٣ الغابر هنا: الباقي.
٤ نكبوا: مالوا.
٥ لزكم: شدكم وألصقكم. والقرن: الحبل الذي يقرن به بعيران.
٦ الأجداث: جمع جدث، وهو القبر.

<<  <   >  >>