وهذه الجهود أيضا التي قام بها علماء الحديث في تحديد مواطن النقطة وشكلها كتابة تدل على أصالة هذا الفن في تراثنا العربي، كما يدل على أن المستشرقين أخذوا قاعدة النقطة وشكلها من علماء الحديث الشريف، كما دلت النصوص السابقة على ذلك، وقد أشار إلى هذا العالم المحقق الكبير الأستاذ عبد السلام هارون.
الترقيم في النحو العربي:
ومثل هذه العراقة العربية في علامات الترقيم، قام بها علماء النحو في باب "الوقف"، حين حددوا في هذا الباب مواطن الوقف أثناء النطق -وهو موطن الاعتبار في الإعراب- وهذا ما يشغل جهود النحويين لا أن يكتبوا علامة من علامات الترقيم ويحددوا شكلها، ولذلك وضحوا القواعد في بعضها وإن لم يكتبوها، لأن علم النحو يهتم بالإعراب، وهو ما يتعلق بالنطق لا بالكتابة.
ومن المواطن التي وضحوها في باب الوقف: أن يلتزم الناطق التوقف عند نهاية الجملة، فلا يصلها بما بعدها، بل يجب أن يتوقف اللسان عندها؛ لصعوبة اتصال الجملتين في منطق واحد لعدم التتابع في قراءتها، وغير ذلك مما انتهوا إليه من قواعد الفصل بين الجمل، وإن لم يكتبوها ويتحدثوا عنها، مع أنهم وضعوا التوقف عندها.