ومجال آخر في البحوث وهو التحقيقات لمخطوطات من كتب التراث العربي لإخراجها في مجال البحث والدراسة، وتيسر الاطلاع عليها بالتوضيح والطبع والنشر، وذلك في عمل شاق وجاد يحتاج إلى جهد كبير ودقة علمية في تحرير النصوص المخطوطة وتوثيقها في أمانة وتحقيق.
فالأصول الأولى التي يتناولها الباحث في بحثه، ينبغي أن تكون صحيحة في نسبتها إلى صاحبها وفي متنها موثقة برواة ثقاة اشتهروا في التراث بالنزاهة والصدق والدقة والتحري، أمثال الأصمعي البصري، والمفضل الكوفي، وابن سلام الجمحي، وابن الأعرابي، وغيرهم، كما ينبغي أن يعرف الباحث الرواة الذين اهتزت فيهم هذه الثقة وطعنهم القدماء، أمثال حماد الراوية وخلف الأحمر، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وغيرهم.
يقول المفضل الضبي: "قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أفسده، فلا يصلح أبدا، فقيل له: وكيف ذلك؟ أيخطئ في روايته أم يلحن؟
قال: ليته كان كذلك، فإن أهل العلم يردون من أخطأ إلى الصواب، لا ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها، ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه مذهب الرجل، ويدخله في شعره، ويحمل ذلك عنه في الآفاق؛ فتختلط أشعار