كم نصف؟ مائة؟ خمسين؟ سبعة أحاديث! كم يفوت طالب العلم إذا اقتصر على المختصر من فوائد أودعها الإمام وأبدع فيها في هذا الكتاب، ولا شك أن التكرار مفيد، يفيد طالب العلم، يعني إذا جئ لك بالفائدة على جهة ثم أوتي بها على جهة أخرى، جمعت المسائل استنبطت قاعدة، نظرت في قاعدة استدللت لها بمسائل فرعية، سواءً هذا أو ذاك كله نافع، كل هذا من وسائل تحصيل العلم الميسرة للعلم المحببة للعلم، لكن افترض أن البخاري اقتصر على ألفين حديث بدون تكرار ولا شيء، الملل يأتي هنا، يا أخي تقرأ حديث الأعمال بالنيات، لتحفظه تقراه عشر مرات، لكن اقرأه في سبعة مواضع من البخاري، وكل موضع فيه زيادة فائدة يعني خير عظيم يا أخي، أنت تريد أن تقرأ في المختصر تبي تقرأه عشر مرات علشان تحفظ، يا أخي بدل من أن تقرأه عشر مرات اطلع عليه في مواضعه السبعة، وفي كل موضع فائدة زائدة، ثم يقول قائل: إن التكرار هذا ممل ويضيع الوقت، وليتنا –والله- نختصر، وليتنا .. ، اختصار الكتب آفة، آفة اختصار الكتب، والاختصار لا ينفع إلا المختصر نفسه، ولذا نقول: قيام طلاب العلم باختصار الكتب للنفع للانتفاع الشخصي من وسائل التحصيل، ما يمنع أنك أنت تطلع بنفسك وتقرأ هذه المكررات وتقتصر على أكثرها فائدة ما يمنع، لكن كم بيحرم الذي يقرأ في مختصرك من الفوائد، أنت استفدت لأنك اطلعت على المواضع، لكن الذي يأتي بعدك؟
خلونا ننظر بمسائل حية، جاء طالب في الجامعة مثلاً كتاب كبير مائتين صفحة ثلاثمائة صفحة، فجاء وتبرع واحتسب أحد الطلاب واختصره لزملائه بخمسين صفحة، وكلهم قالوا: جزاك الله خير، هو تصور مسائل الكتاب وفهم الكتاب وهضم الكتاب، ويمكن أنه حذف مسائل مهمة، وقد يأتي أسئلة فيما حذف، كم جنى على زملائه بطريقته باسم التيسير والتسهيل؟!
وأقول: القراءة في هذه الكتب لا يملها طالب علم ولو كان فيها تطويل، لو كان فيها مكرر، يبقى أن علم السلف له فضله وله مزيته، كتب بنوايا صالحة خالصة؛ ولذا بقي نفعه، فنعود إلى كلام الناظم -رحمة الله عليه-: