للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم، هذا على مذهب الأشاعرة في نفي تأثير الأسباب، أن وجود الأسباب كعدمها لا قيمة لها، ولذلك لو تشرب بئر ما كان ريك به إنما كان ريك عنده، لو تأكل إناء كبير من الطعام وينتفخ بطنك كان شبعك عند الأكل لا به، الأكل سبب، الشرب سبب، والري والشبع حصل عنده لا به، هم يلغون الأسباب، ويجعلون وجودها مثل عدمها، يقابلهم المعتزلة، المعتزلة يرون أن للأسباب تأثيراً مستقلاً، مستقل تأثير الأسباب، وأهل السنة يقولون: إن الأسباب مؤثرة بلا شك، لكنها الله -سبحانه وتعالى- وهو المسبب هو الذي جعل لهذه الأسباب تأثيراً، ولذا قد يتخلف المسبب عند وجود السبب، قد يتخلف المسبب عند وجود السبب لوجود مانع مثلاً، لا سيما في الأسباب المعنوية والحسية أيضاً، قد تلبس في الشتاء مائة ثوب ويدخلك البرد، وقد تغتسل بالماء البارد بثيابك في الشتاء ولا يضرك، لكن لا نقول: إن هذا هو الأصل هو المطرد، نقول: لا هذا خلاف الأصل؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- جعل لهذه الأسباب تأثيراً لا على جهة الاستقلال، والمسبب هو الله -جل وعلا-.

يعني الأشاعرة فيهم أصحاب عقول كبار كبار، يعني لو نظرت إلى عقل مثلاً الرازي أو الباقلاني أو غيره من الكبار لكن يقعون في مثل هذه الأشياء، يقول لك: ممكن أن تشوف وأنت كفيف، كفيف جالس في المسجد تشوف اللي يحدث بأمريكا، يعني عباراتهم من كتبهم يقولون: يجوز أن يرى أعمى الصين البقة في الأندلس، يقولون هذا الكلام؛ لأن البصر سبب، يعني في كتبهم هذا يقولون، يعني ما هو بمحض افتراء، أنا لو أقول هنا في الرياض: .... أمريكا قيل: هذا تنظير من عندك، في كتبهم يقولون: يجوز أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس، البقة صغار البعوضة، لماذا؟ لأن البصر سبب والأسباب لا قيمة لها، يعني وجودها مثل عدمها.

ولذلك قال السفاريني: ويحصل العلم عنده لا به، وهذه لوثة من مذهب الأشعرية، وأنتم تعرفون أنه يقرر في بداية الكتاب السفاريني أن مذهب أهل السنة ثلاث فرق: الأثرية، وإمامهم أحمد بن حنبل، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن، والماترودية وإمامهم أبو منصور.

<<  <  ج: ص:  >  >>