فعلى الإنسان أن يحرص ويتمسك بما جاءه عن الله وعن رسوله، شيخ الإسلام حمل البدعة في قول عمر على البدعة اللغوية، وأما الشاطبي فقال: مجاز، والذي عندي أنه لا هذا ولا هذا؛ لماذا؟ أما المجاز فأمره معروف فلا مجاز على ما قررناه سابقاً، وأما قول شيخ الإسلام أنها بدعة لغوية لو طبقناها على التعريف اللغوي للبدعة وهي: ما عمل على غير مثال سابق لوجدنا أن التعريف لا ينطبق؛ لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها بأصحابه ثلاث ليالٍ جماعة، صلى التراويح بأصحابه جماعة، ثم بعد ذلك لم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم، لا نسخاً لها ولا رغبة عنها، فمشروعيتها باقية، فخشية أن تفرض عليهم في وقت التشريع، ثم بعد ذلك يعجزون عنها، لو فرضت احتمال أن يعجزون عنها، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- من شفقته ورأفته بأمته لم يخرج لهم في اليوم الرابع أو الثالث على اختلاف الروايات خشية أن تفرض عليهم، إذاً المشروعية باقية، فلها أصل سابق من فعله -عليه الصلاة والسلام-، فليست ببدعة لغوية فضلاً عن أن تكون بدعة شرعية، طيب إذا لم تكن بدعة لا لغوية ولا شرعية وعمر -رضي الله تعالى عنه- من أهل اللسان، يعني عربي، ويعي ما يقول، فماذا تكون؟ في علم البديع ما يسمى بالمشاكلة، يعني والمجانسة في التعبير، يطلق اللفظ ولا يراد به إلا مجرد مجانسة لفظ آخر حقيقة أو تقديراً، ففي قول الله -جل وعلا-: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(٤٠) سورة الشورى] السيئة الأولى حقيقة، الجناية حقيقة، جزاؤها ومعاقبة الجاني سيئة وإلا حسنة؟ حسنة، إذاً لماذا أطلق عليها سيئة؟ من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير، وهذا موجود في النصوص، وفي لغة العرب.
قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصاً
مشاكلة وإلا الجبة والقميص ما يمكن أن تطبخ، فأسلوب المشاكلة والمجانسة موجود في لغة العرب وفي النصوص، وعلى هذا يحمل قول عمر.