الفلاح -إن شاء الله تعالى- إن فعل ذلك مخلصاً لله -جل وعلا-، متبعاً في كذلك كله سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، بمعنى أنه جاء بشروط القبول، فالفلاح كلمة وليس لها نظير مما يجمع خير الدنيا والآخرة، كما قالوا في النصيحة لا يوجد كلمة تغني عنها، من حيازة الحض للمنصوح له، لا توجد كلمة تقوم مقامها، فمثلاً لو استعرضنا الصفات التي في مطلع سورة البقرة، والصفات التي في أول سورة المؤمنون:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [(١) سورة المؤمنون] ... إلى آخره، ثم أخذ الإنسان يطبق هذه الأوصاف على نفسه يحرص على أن يطبق هذه الأوصاف يحصل له الفلاح -بإذن الله -جل وعلا-، ومع ذلك لا يجزم لنفسه ولا يُجزم له، إنما يغلب على الظن ويرجى له ذلك، وقلوب العباد كما جاء في الحديث بين إصبعين من أصابع الرحمن ((وإن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) نسأل الله السلامة والعافية، والثبات والتثبيت من الله -جل وعلا-، أمر يحتاج إلى أن يكون طلبه ديدناً للمسلم، فحسن الخاتمة وسوء الخاتمة أمر مقلق للإنسان، والسلف يخافون من هذا الباب أشد الخوف، ولذلك ما يعرف عنهم أنهم حملوا المطلق على المقيد في الحديث:((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) فهم كلهم خائفون وجلون من سوء العاقبة وسوء الخاتمة، وما في واحد منهم قال: نحمل المطلق على المقيد، فيما جاء من حديث صحيح:((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس)) ما حملوا المطلق على المقيد؛ لماذا؟ لئلا يتراخون في العمل، وصدق الالتجاء إلى الله -جل وعلا-، وينبغي ألا يحملنا هذا على أن نيأس ونقنط من رحمة الله أبداً، بل علينا أن نخاف وعلينا أن نرجو، وإذا كان إبراهيم -عليه السلام-، إمام الحنفاء الذي حطم الأصنام وكسّرها بيده، دعا الله -جل وعلا- بقوله:{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [(٣٥) سورة إبراهيم] ولذا يقول إبراهيم التيمي: من يأمن البلاء بعدك يا إبراهيم؟! الزيغ وارد -نسأل الله الثبات-، ابن القيم -رحمه الله