والله ما خوفي الذنوب وإنها ... لعلى سبيل العفو والغفرانِ
لكن خوفي أن يزيغ القلب عن ... تحكيم هذا الوحي والقرآنِ
ورضاً بآراء الرجال وخرصها ... لا كان ذاك بمنة الرحمنِ
فهم يخافون أشد الخوف في هذا الباب، ولذا لا يرتاح الإنسان ما دامت روحه في جسده، ويخشى على نفسه من خدع الشيطان؛ لأن بعض الناس يتوسع في هذا الباب، وأنه بمجرد ما يؤدي هذه الصلوات، وقد يصوم مع الناس يظن أنه ضمن الجنة.
جاء في النصوص ما يدل على فضل الصلاة، وأنها تمحو الذنوب، وأنها كفارة لما بينهما، وأن رمضان إلى رمضان، هذا لا إشكال فيه، ولا عندنا فيه ريب ولا تردد، لكن الإنسان يتهم نفسه، ولن يؤتى إلا من قبل نفسه، فبما كسبت أيديكم، ولولا أن الله -جل وعلا- عفو غفور، رحيم رؤوف {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ} [(٦١) سورة النحل] والله -جل وعلا- يعفو عن كثير، فالإنسان عليه أن يعمل، أن يعمل ويجتهد ويحرص ويجاهد نفسه على الإخلاص، ولا يكون في عمله حظ لأحد، ويتبع النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يبتدع في دينه، فإذا تمسك بالكتاب والسنة على هذه الكيفية يُرجى أن يختم له بخير، ولذا أهل العلم مع خوفهم من سوء العاقبة يقررون أن الفواتح عنوان الخواتم، يعني الذي يغلب على الظن أن من سلك الجادة هذا يقررونه في الكلام النظري، لكن على أنفسهم هل يستطيع شخص مهما بلغ من العلم والعبادة أن يقول: خلاص الفواتح عنوان الخواتم يعني ما عليّ، مضمون أنه يموت على الاستقامة؟ ما هو بمضمون، ليس بمضمون.
الناظم -رحمه الله تعالى- ذكر ما ذكر في البيت الأول من التمسك بالقرآن واتباع الهدى الذي هو طريقة النبي -عليه الصلاة والسلام- وسنته، أعقب ذلك بالمصدر الذي تؤخذ منه هذه العلوم عند أهل السنة علومهم وعقائدهم مأخوذة من الكتاب والسنة.
ودن بكتاب الله والسنن التي ... أتت عن رسول الله تنجو وتربحُ
(دن) هذا أمر من الديانة، يعني تدين وتعبد لله -جل وعلا- بكتاب الله "والسنن التي" يعني تعبد على ضوء الكتاب والسنة، يعني مثل ما قال: تمسك بالكتاب والسنة، تمسك بحبل الله والهدى التي هو السنن.