قيمة له، وإنما يحصل المدرك والمبصر عنده لا به، ويش المانع أنه الشخص في أقصى المشرق يرى صغار البعوض في أقصى المغرب؟ لو تعرض هذا على من لا عقل له بالكلية يقر وإلا ما يقر؟ ما يمكن أن يقر، وقال بهذا كبار، يعني عقولهم تزن جبال، أئمة كبار في مذاهبهم، لكن العبرة بالزكاة لا بالذكاء.
هؤلاء الذين يقولون: لو ترجم القرآن، يعني الكلام واحد، كلام الله إذا عبر عنه بالعربية صار قرآناً، إذا عبر عنه بالسريانية صار توراة أو إنجيلاً، وبالعكس.
ورقة بن نوفل كان يقرأ الكتب السابقة من التوراة والإنجيل وينقلها إلى العربية ويترجم، لما نزلت سورة اقرأ على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقص عليه القصة بما في ذلك اقرأ، ذكر عن الملك أنه هو الناموس الذي أنزل على موسى، وما قال: إن سورة اقرأ معروفة عندنا، وكنا نقرأها في التوراة؛ لأنه يترجم التوراة هو، ويترجم الإنجيل، وهل يتصور أن يقول عاقل: إن الآيات التي نزلت بسبب قصص وحوادث لبعض الصحابة هي موجودة بأعيانها في التوراة والإنجيل إلا أنها بلغات أخرى؟ يمكن أن يقال مثل هذا؟ نعم؟
قصة المجادلة في الظهار هل هي نزلت على موسى بلغتهم، وعلى عيسى بلغتهم، وعلى محمد بلغته؟ ما يمكن أن يقول مثل هذا، لكنهم أرادوا أن يلبسوا على الناس؛ لئلا يرموا بما رمي به الجهمية من الكفر، الذين تقلد كفرهم خمسمائة عالم من أجل القول بخلق القرآن.
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدانِ
وحكى اللالكائي عن هؤلاء الخمسمائة وقبله الطبراني كما قال ابن القيم فهم يريدون أن يفروا من القول الصريح فوقعوا فيه في النهاية.
وقل: غير مخلوق كلام مليكنا ... بذلك دان الأتقياء وأفصحوا
ولا تكُ في القرآن بالوقف قائلاً ... كما قال أتباع لجهم وأسجحُوا
أوضح من هذا أنه لماذا ينزل القرآن؟ لماذا ينزل الإنجيل وما فيه موجود في التوراة؟ يعني جميع ما في القرآن موجود في التوراة، وجميع ما في القرآن موجود في الإنجيل والعكس، ويش معنى نسخ الشرائع؟ يبقى لنسخ الشرائع قيمة؟ ومعناه أن الناسخ والمنسوخ في شرعنا موجود ناسخ ومنسوخ بنفسه في شرائعهم.