للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا يخفى وربك أوضحُ" ففي الحديث الصحيح الذي سوف يشير إليه الناظم -رحمه الله تعالى- من حديث جرير بن عبد الله البجلي، قال: كنا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في ليلة مقمرة، فقال بعد أن رأوا الهلال القمر قال: ((هل تضامون في رؤيته –أو تضارون-؟ )) في أحد يصيبه ضرر أو ضيم، أو زحام، أو يمكن يرى أو لا يرى بالنسبة للقمر ليلة البدر؟ ما يمكن، قال: ((إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب)) وفي رواية: الشمس، في حديث آخر: الشمس، وهذا الحديث من أصح الأحاديث، متفق عليه، وله طرق، بل هو أحاديث حديث جرير وحديث أبي هريرة وحديث ابن عمر، وغيرها من الأحاديث، ونص بعضهم على أنه من المتواتر.

"كما البدر لا يخفى" إلا أن هذا التشبيه الوارد في الحديث إنما هو تشبيه للرؤية بالرؤية، وليس تشبيهاً للمرئي بالمرئي؛ لأن التشبيه لا يشترط فيه مطابقة المشبه بالمشبه به من كل وجه، لا يشترط في صحته أن يطابقه من كل وجه، قد يكون وجه الشبه من جهة، سواءً كانت من أوضح الجهات أو أدنى الجهات، في وجه الشبه، فأول زمرة تدخل الجنة على صورة البدر، يعني كأنهم البدر، لكن هل هناك مطابقة بين صورة ما يدخل الجنة والبدر؟ يعني في الوضوح والاستدارة والإنارة نعم، لكن هل البدر له أنف، وله عينان، وله فم؟ لا، فوجه الشبه من وجه.

أيضاً جاء تشبيه الوحي وهو محمود بالجرس وهو مذموم، إنما جاء التشبيه من وجه دون وجه، والأمثلة على هذا كثيرة، فالتشبيه هنا للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي.

. . . . . . . . . ... كما البدر لا يخفى وربك أوضحُ

أوضح من رؤية البدر الآن لو في مكان على وجه الأرض شيء، والناس من حب الاستطلاع، الآن لو وقع حادث مثلاً، واجتمع الناس، وازدحم في الشارع من أجل أن يروا ما حصل، لا شك أنهم يتضامون ويتضارون ويتدافعون، ومنهم من يراه، ومنهم من لا يراه، هذا الحاصل في أماكن الزحام، لكن بالنسبة للبدر كل إنسان وهو في موقعه يراه من غير ضيم ولا ضرر.

"وربك أوضحُ" أوضح في الرؤية من القمر ليلة البدر.

وليس بمولود وليس بوالد ... وليس له شبه تعالى المسبحُ

يعني ارتباط هذا البيت بالذي قبله والذي بعده من أي جهة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>