الجهمية والمعتزلة الذين ينفون الصفات، والأشاعرة الذين ينفون أكثر الصفات توهموا التشبيه، أول ما وقر في قلوبهم التشبيه، فهم شبهوا أولاً، شبهوا الخالق بالمخلوق، ولا يعقلون من معنى اليد إلا يد المخلوق، وما دامت اليد يد المخلوق، وما يذكر في لفظها مثلها في اللفظ، ما يوافقها في اللفظ، يوافقها في الصفة والكيفية، هذا ما هجم على أذهانهم فجعلهم يزعمون تنزيه الله -جل وعلا- بنفيها، فينفون ما ثبت بالنصوص القطعية، فهم شبهوا أولاً، ثم عطلوا، وغاب عنهم أن المخلوقات وهي تشترك في كونها مخلوقات، والضعف والعجز مناسب لها، لها أيدي، فالإنسان له يد، والحيوان له يد، أنواع الحيوان لها أيدي، الجمل له يد، والثور له يد، والكلب له يد، والقرد له يد، والخنزير له يد، وجميع الحيوانات لها أيدي، لكن هذه الأيدي بالنسبة للحيوان المشتركة في الخلق والضعف هل هي واحدة؟ هل يشبه بعضها بعضاً؟ نعم؟ لا يشبه بعضها بعضاً، فإذا كان هذا التباين بين ما ينسب للمخلوق مع الاشتراك في الخلق والعجز والضعف هذا التباين الشديد يعني هل يد النملة مثل يد البعير؟ يمكن؟ وهل وجه القرد مثل وجه الإنسان؟ أو وجه الجراد مثلاً مثلاً مثل وجه الجمل؟