قد يقول قائل: هل يأتي بعد الصحابة من هو خير منهم؟ ((وأمتي كالغيث -كما جاء في الحديث- لا يدرى خيرها أولها أو آخرها)) وجاء في الحديث في السنن والمسند: ((أنه في آخر الزمان المتمسك بالدين في وقت الفتن له أجر خمسين)) قالوا: منهم؟ قال:((لا، منكم)) وهل يعني هذا تفضيل من يجيء في آخر الزمان على الصحابة؟ لا، ليس فيه تفضيل، هو تفضيل من هذه الحيثية، العمل الذي يعمل في آخر الزمان يعادل نظيره مما يعمل في أوله خمسين مرة، لكن فضل الصحبة وشرف الصحبة مزية وخصيصة لا ينالها أحد، ولو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، فالصحابة لهم فضلهم ولهم حقهم على الأمة؛ لأنهم نقلوا لنا الدين، ولو لم يكن إلا أن الدين بلغنا بواسطتهم لكفاهم بذلك حقاً عظيماً علينا.
آيات في سورة الفتح تمدح الصحابة، ولو استعرضنا سورة الفتح لوجدنا فيها آيات كثيرة، ولو لم يكن فيها إلا {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [(١٨) سورة الفتح] وفيها {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [(٢٩) سورة الفتح] ... إلى آخر الآية، هذا مدح وأي مدح لهؤلاء الصحابة، وتعديل لجميعهم، تعديل لجميع الصحابة.
بعد قوله:
ومن بعدهم والتابعين بحسن ما ... حذوا فعلهم قولاً وفعلاً فأفلحوا
في النسخة الشامية، وعرفنا أن هذه الأبيات مزيدة وليست من نظم ابن أبي داود، ونقف على القدر.