يعني لا يكن همك الطعن في الناس، حتى في غير الصحابة لا تكن طعاناً ((ليس المسلم بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش البذيء)) هذا وصف المسلم أنه عفيف متعفف، وهذه صفة خيار الأمة.
المزني قال بحضرة الشافعي: فلان كذاب، قال: يا أبا إبراهيم اكس ألفاظك أجملها، يعني لا تنطق بهذا الكلام الشنيع القبيح، بإمكانك أن تؤدي الغرض بأسلوب أسهل من هذا، والإمام أحمد لما قيل له عن يزيد بن معاوية وذمه ذماً شديداً، قيل: ألا تلعنه؟ قال: وهل عهدت أباك لعاناً، يتحاشون مثل هذه العبارات.
البخاري -رحمه الله- الراوي شديد الضعف يقول: سكتوا عنه، وفيه نظر، ما يرسلون ألسنتهم في الأشخاص، وفي أعراض الناس، لا بد أن يتأدب طالب العلم بمثل هذا الأدب في سائر الناس، ولا سيما من له فضل على الأمة من الصحابة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وقل خير قول في الصحابة كلهم ... ولا تكُ طعاناً. . . . . . . . .
صيغة مبالغة من الطعن تطعن في أعراض الناس، فأعراض الناس حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها العلماء والحكام، كما قال ابن دقيق العيد.
. . . . . . . . . ... ولا تكُ طعاناً تعيب وتجرحُ
نعم لأن العلماء والحكام هم أكثر من يقع الناس في أعراضهم، فهم يقفون على شفير هذه الحفرة يرمون الناس فيها الذين يتكلمون في أعراضهم، هذا على أحد التأويلين، والتأويل الثاني: لحاجة العلماء والحكام للكلام في الناس، العلماء يحتاجون للكلام في الناس، الحكام يحتاجون إلى الكلام في الناس، فهؤلاء يقفون على شفيرها، فإن كان كلامهم فيهم بحق سلموا، وإن كان بباطل وقعوا، وهذا فيمن أسند إليه هذا الأمر، الجرح والتعديل، أما من لم يسند إليه هذا الأمر، ومعوله على مجرد التفكه في أعراض الناس فهذا أمره شديد، هذا هو المفلس في الحقيقة.