بالمقابل الجبرية تقول: إن العبد لما قام على رجليه، وتحرك وخطى الخطوات إلى المسجد، يعني هو والمقعد سوى، الله -جل وعلا- هو الذي أمضاه إلى المسجد لا حرية له، إذا كان لا حرية له والله -جل وعلا- هو الذي أمضاه، ما الفرق بين المطيع والعاصي؟ الجبرية فروا من شيء وهو إثبات خالق مع -جل وعلا-، لكنهم مع ذلك أثبتوا أمراً خطيراً جداً، وإذا كان العبد مجبور، والله -جل وعلا- جبره ولم يترك له حرية ولا اختيار في أفعاله كيف يعذبه؟ إن عذبه وقد جبره على الفعل فقد صار ظالماً له.
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء
يعني المجبور المكره الآن هل هو مكلف؟ المكره من قبل البشر هل يكلف؟ فكيف إذا أكره من قبل الله -جل وعلا- على هذا العمل وجبر عليه؟ يعني من باب أولى، إذا أجبره الذي كلفه وطالبه بالعمل لا شك أن هذا ضلال -نسأل الله السلامة والعافية-، والذي له مراجعات في تفسير الرازي يكن على حذر شديد من مسألة الجبر، فالرجل جبري، إضافة إلى المسائل الأخرى التي ضل فيها، وأورد فيها من الشبه ما لا يستطاع دفعه.
أنا أقول: ينتبه طالب العلم لهذه المسألة في هذا الكتاب؛ لأنه يورد شبهة قد يكون طالب العلم المتوسط لا يتخلص منها، فمن السلامة ألا يقرأ في هذا الكتاب، لكن إذا دخل طالب العلم البصير على علم بهذا الكتاب وما يحتوي هذا الكتاب خف الأمر، يعني يصير عنده تصور، بخلاف ما لو دخل على جهل، ما يعرف واقع الكتاب، ويسمع هذه الشبهة القوية عنده؛ لأنه بارع في إلقاء الشبه، لكن الإجابة عن هذه الشبه ضعيف جداً، حتى قال القائل: إنه يورد الشبهة نقد ويجيب عنها نسيئة، فليكن طالب العلم على حذر شديد من هذا الكتاب، ومسألة الجبر قد يشترك معه غيره في تقرير مسائل الاعتقاد على مذهب الأشعرية، وبعضها فيها شوب اعتزال، لكن يشاركه غيره، أما مسألة الجبر هذه عنده مشكلة، مشكلة كبيرة جداً، تجعل طالب العلم المتوسط لا ينظر في مثل هذا الكتاب.