للناس كلهم، لجميع الخلائق، وهذه الشفاعة العظمى وهي من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، حينما يشتد الناس، يشتد الهول، هول الموقف على الناس، ويلجمهم العرق، وتدنو منهم الشمس يفزعون إلى آدم، يخبرونه بما حصل لهم، ويطلبون منه أن يشفع، فيقول آدم يذكر معصيته، وأنه أكل من الشجرة، وأنه لا يملك إلا نفسه في هذا الموقف، اذهبوا إلى غيري، فيأتون نوحاً، يقولون لآدم: أنت أبو البشر خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، فيقول ما يقول، ثم يذهبون إلى نوح، فيقولون له: أنت أول الرسل، وأنت كذا وكذا، فيقول: أنا لي دعوة واحدة صرفتها على قومي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيذهبون إلى إبراهيم -عليه السلام-، ويطلبون منه، ويذكر الكذبات الثلاث، ويعتذر منهم، فيذهبون إلى موسى، فيقول: إنه قتل نفساً بغير حق، يذهبون إلى عيسى ولا يذكر خطيئة، اذهبوا إلى محمد، فيذهبون إليه فيقول: أنا لها، أنا لها، فيسجد تحت العرش -عليه الصلاة والسلام-، ويطيل السجود، ويحمد الله -جل وعلا- بمحامد يلهمه إياها، فيقال له: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، ثم يشفع في الخلائق، فيستفتح باب الجنة فيفتح، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يشفع هذه الشفاعة، وهي من اختصاصه -عليه الصلاة والسلام- لا يشاركه فيها أحد، كما أن من الشفاعات التي يختص بها -عليه الصلاة والسلام- شفاعته لعمه أبي طالب في أن يخفف عليه من العذاب، وهناك شفاعات يشترك فيها الأنبياء والصالحون، إخراج بعض أهل النار، وعدم إدخال بعضهم ممن استحقها.
المقصود أنواع الشفاعة كثيرة، وهي مثبتة عند أهل السنة والجماعة، باتفاق أئمة الإسلام الذين يعتد بقولهم، وأما من نفاها فلا عبرة به، من نفى الشفاعة لا عبرة بقوله بعد ثبوتها بالكتاب العزيز، وبمتواتر السنة، ولا يعني أننا إذا قلنا: متواتر السنة أننا لا نثبت بالآحاد، نثبت العقائد بالآحاد، ولا إشكال عندنا في هذا، لكن إذا كانت المسألة متواترة يذكرها أهل العلم من باب تقوية المسألة، وإلا فالآحاد والمتواتر الآحاد بأقسامه كله مقبول في هذه الأبواب.
وإن رسول الله للخلق شافع ... وقل في عذاب القبر. . . . . . . . .