منذ أعوام تربى على العشرة وقع للمرحوم الأستاذ الكبير «إبراهيم مصطفى» هذا الكتاب يحمل هذا الاسم «إعراب القرآن للزجاج» وكانت منه نسخة خطية واحدة في دار الكتب المصرية.
وكان اسم الكتاب واسم المؤلف جديرين بأن يلفتا إليهما الباحث في علم النحو لا سيما إذا كان هذا النحو يخص الكتاب الأم للعربية أعني القرآن الكريم.
فاسم الكتاب يضيف إلى كتب الزجاج أبي إسحاق بن السري كتابا لم يذكر له، كما يضم إلى كتابه في القرآن حول معانيه كتابا في إعرابه.
واسم المؤلف يغرى بالرجوع إلى ما ألف، فهو شيخ أبي علي الفارسي وتلميذ المبرد.
وحين استهوى هذان أستاذنا المرحوم إبراهيم مصطفى استهوته مادته، فإذا هو يرى نفسه بين آراء خليق بها أن تقرأ وأن يقرأها معه كل متصل بعلم النحو، لم يدفعه عن هذا وذاك أن يكون الكتاب للزجاج أو لغيره، وأن يكون له هذا الاسم أو اسم آخر.
وطلب المرحوم الأستاذ إبراهيم مصطفى إلى المجمع- وكان عضوا من أعضائه- أن يصور هذه المخطوطة، فصورها المجمع لتكون بين ما ينشره من التراث العربي- حين كانت للمجمع مشاركة في نشر التراث.
وعهد إليّ أستاذنا بتحقيق هذا الكتاب.
وحين أبدأ في تحقيقه يخرج نشر التراث من المجمع لينضم إلى نظيره بالإدارة العامة للثقافة وزارة التربية، وبعد أن أمضى في الكتاب إلى أكثره يخرج نشر التراث من إشراف وزارة التربية فيكون في إشراف وزارة الثقافة، وحين يستوى الكتاب للظهور تكون المؤسسة العامة للتأليف والترجمة والنشر قد ظهرت لتحتضن فروع الثقافة، ومنها هذا الفرع المعنى بإحياء التراث.
وهذا الكتاب الذي أغرى أستاذي بالقرب منه كاد يدفعني إلى البعد عنه، فلقد رأى فيه آراء يقف عندها معجبة، ورأيت أوراقا مبعثرة لا تتصل ورقة بورقة كما لا تتصل أسطر بأسطر. فلقد نظر إليه قارئا ونظرت إليه محققا، وإذا هان على القارئ أن ينقطع