ظل القرآن كما أرى، تناوله أولا نحويون بنوا استشهادهم على القرآن في الأكثر، وذلك مثل ما فعل سيبويه في كتابه، ثم أخذ إعراب القرآن يخلص وحده ويكون غرضا بذاته، وكان أول من صنف في إعراب القرآن تأليفا خالصا لهذا الغرض- فيما نقل إلينا- هو قطرب أبو علي محمد بن مستنير (٢٠٦ هـ) ، ثم أبو مروان عبد الملك بن حبيب القرطبي (٢٣٩ هـ) ، ومن بعدهما أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني (٢٤٨ هـ) وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد (٢٨٦ هـ) وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب (٢٩١ هـ) وأبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري (٣٢٨ هـ) وأبو جعفر محمد بن أحمد بن النحاس (٣٣٨ هـ) وأبو عبد الله حسين بن أحمد بن خالويه (٣٧٠ هـ) ومكي بن أبي طالب القيسي (٤٣٧ هـ) وأبو طاهر إسماعيل بن خلف الصقلي (٤٥٥ هـ) وأبو زكريا يحيى بن علي التبريزي (٥٠٢ هـ) وأبو قاسم إسماعيل بن محمد الأصفهاني (٥٣٥ هـ) وأبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي (٥٦٢ هـ) وأبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (٦١٦ هـ) ومنتخب الدين حسين بن أبي العز الهمداني (٦٤٣ هـ) وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد السفاقسي (٧٤٢ هـ) وأبو أحمد بن مالك بن يوسف الرعيني (٧٧٧ هـ) . ثم جاء من بعدهم غيرهم كثيرون نمسك عن ذكرهم اكتفاء بمن ذكرنا، إذ كان جهد هؤلاء المتأخرين الذين لم نذكرهم صورة من جهد من سبقوهم.
وهؤلاء المؤلفون الذين ذكرنا، منهم من عرض للقرآن الكريم سورة سورة، يتناول كلمات السورة كلها أو يتناول المشكل منها، ومنهم من يعرض أشكال الإعراب ويجعل لكل شكل بابا، على نحو ما فعل مؤلفنا في هذا الكتاب الذي بين أيدينا.
[(٤) هذا الكتاب]
وهذا الكتاب يضم تسعين بابا استخرجها مؤلفه من التنزيل بعد فكر وتأمل وطول إقامة على الدرس، كما يقول فى مقدمته، وهو يعنى إحدى اثنتين:
١- إما أن تكون هذه الأبواب المتمة للتسعين كانت ملء فكره، وقيد ذكره، وأنه تتبع شواهدها يجمعها من القرآن الكريم.
٢- وإما أن تكون هذه الأبواب املاها عليه تصفحه للقرآن الكريم، فإذا هي تستوي له بعناوينها وشواهدها.
وأكاد أضم ما بين الاثنين وأقول: إنه دخل إلى هذا التأليف وفي رأسه بعض