وجه قول أبي الحسن إن «أن» لغو كإذن، يكون لغواً، كما تكون هي، وكما تكون عوامل الأسماء لغوا، ولا يمنعها كونها لغوا من العمل في معمولها، كما لم تمتنع عوامل الأسماء، كقوله تعالى:(فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ)«١» .
فإن قال قائل: فهلا أجاز فى «لن» أيضا كما أجاز في «أن» كذلك، فإن هذا لا يلزمه، لأن «أن» أشد تصرفاً من «لن» وهي لذلك أحمل للتوسع وأجلد به.
ألا ترى أنها تدخل على الماضي والمستقبل، وتدخل على أمثلة الأمر، كقولك: كتبت إليه بأن قم، وليس شىء من هذا في «لن» .
ألا ترى أنها تلزم المستقبل ولا تتجاوز عن ذلك، إلا أن الوجه فيها مع ذلك ألا تكون ك «إذن» لأن «إذن» إذا وقع بعدها فعل الحال ألغيت ولم تعمل فيه، و «أن» قد عملت هنا، فلو كانت مثل «إذن» لوجب ألا تعمل فيما بعدها من الفعل، كما لم تعمل «إذن» إذا كان الفعل الذي بعده فعل الحال، ألا ترى أن الاسم في «مالك قائماً» ينتصب على الحال، فكذلك الفعل بعد «إذن» هنا فعل حال، فلو كانت «أن» ك «إذن» لوجب ألا تعمل في فعل الحال كما لم تعمل «إذن» فيه، في نحو قولك: إذا حدثت بحديث: إذن أظنك كاذباً. وأيضاً فلا يجوز أن تكون «أن» مثل «إذن» في أن تلغى كما تلغى «إذن» .
ألا ترى أن فيها من الاتساع أكثر مما في «أن» ، تقول: أنا أقوم إذن فلا توليه فعلا. وتقول: إذن والله أقوم، فتفصل بينه وبين الفعل.