للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن قلت: هو خبر بمعنى الأمر فإن ذلك لا يدخل عليه «هل» لأن من قال: «رحم الله» لا يقول: هل رحم الله، والفتح فيه كالفتح في «ليقومن» وليس لالتقاء الساكنين، كالفتح في «رد» لأن «رد» يجوز فيه الأوجه الثلاثة، و «هلمّ» لا يجوز فيه إلا الفتح، على لغة أهل الحجاز.

ومن ذلك «أفٍّ» في قوله تعالى: (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) «١» وقوله:

(أُفٍّ لَكُمْ) «٢» .

وفي قوله: (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) «٣» .

وفيه لغات: والمقروء منها الكسر بلا تنوين، والكسر بتنوين، عن نافع وحفص، والفتح بلا تنوين، ويجوز في العربية الضم بلا تنوين، والضم بتنوين.

وفي لغة سابعة، أفي، مثل: أمليت، وأمللت «٤» .

ومعنى كله: نتناً وذفراً. وقد سمي الفعل به فبني. وهذا في البناء على الفتح، كقولهم: سرعان ذا إهالة «٥» ، لما صار اسماً ل «يسرع» ، وكذلك «أف» ، لما كان اسماً لما يكره أو يضجر منه، ونحو ذلك. فمن نون نكرة، ومن لم ينون كان عنده معرفة مثل: صَهْ، وصَهٍ، ومَهْ، ومه، إلا أن «أف» فى الخبر، و «صه» فى الأمر.


(١) الإسراء: ٢٣.
(٢) الأنبياء: ٦٧.
(٣) الأحقاف: ١٧.
(٤) جمعها الشاعر في بيت فقال:
فأف ثلث ونون إن أردت وقل ... أفي وأفي وأف وأفة تصب
(٥) الإهالة: الودك والشحم. وهذا مثل، أصله: أن رجلا كان يحمق اشترى شاة عجفاء يسيل رغامها هزالا وسوء حال وفطن أنه ودك فقال: سرعان ذا إهالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>