قلنا: لا كذلك، فإن الإحصار في اللغة ليس بعبارة عن المرض فحسب، بل عن منع يكون بالمرض، فيكون المنع علة، والمرض سبباً، ويصير كأن الله تعالى قال: فإن منعتم بمرض فما استيسر. فدل على المنع بالعدو من طريق الأولى، لأن المنع موجود نصاً في الحالين، وبالعدو أشد، والارتفاق بالإحلال فيه أكثر، فجرى مجرى الشتم من التأفيف في تحريمه.
فإن قيل: إن الله تعالى نسق به: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ)«١» ، ولو كان أحصرتم عبارة عن المرض، لم يستقم نسق المرض به ثانيا، لأنه تكرار، لأن المعطوف أبدا يكون غير المعطوف عليه.
قلنا: قد ذكرنا أن الإحصار ليس بالمرض بعينه، لكن منع بسبب المرض، فيستفاد به التحلل بالدم، ولا يباح به الحلق، إذا لم يتأذَّ به رأسه، وبمرض يتأذى به رأسه يباح الحلق، أو بنفس الأذى، وإن لم يمنعه عن الذهاب فلا يباح به التحلل، فكانا/ غيرين، وتكون العبارة عنهما على أن عطف الخاص جائز على العام، كعطف جبريل وميكائيل وغير ذلك.
فإن قيل: كيف يستقيم هذا والله يقول في آخر الآية: (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ)«٢» يعني: زال عنكم السبب المانع، ولو كان السبب