للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) «١» لا يكون «خالداً» حالاً من الهاء في «جزاؤه» لأنه أخبر عن المصدر بقوله «جهنم» ، فيكون الفصل بين الصلة والموصول، ولا يكون حالاً من «جهنم» لمكان «فيها» ، لأنه لم يبرز الضمير، ألا ترى أن الخلود ليس فعل «جهنم» ، فإذا هو محمول على مضمر، أي: يجزاه خالداً فيها.

ونظيره في «الحديد» : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) «٢» .

وقال: (جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) «٣» .

قال أبو علي: بشراكم اليوم جنات، أي: حلول جنات، أو: دخول جنات لأن البشرى حدث، والجنة عين، ولا تكون هي هي، وإذا كان كذلك لم تخل «خالدين» من أن تكون حالاً من «بشراكم» ، أو من المصدر المحذوف في اللفظ المراد في المعنى، فلا يجوز أن يكون من «بشراكم» على معنى: تبشرون خالدين، لئلا يفصل بين الصلة والموصول فإذا كان كذلك قدرت الحال من «الدخول» المحذوف من اللفظ المثبت في التقدير، ليكون المعنى عليه، كأنه: دخول جنات خالدين، أي: مقدرين الخلود مستقبلاً، كقوله: (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) «٤» .

فإن قلت: فهل يجوز أن يكون الحال مما دل عليه البشرى، كما كان الظرف متعلقاً بما دل عليه المصدر، في قوله تعالى: (إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) «٥» كأنهم يبشرون خالدين فالقول: إن ذلك لا يمتنع


(١) النساء: ٩٣.
(٢) الحديد: ١٢.
(٣) البينة: ٨.
(٤) الزمر: ٧٣.
(٥) غافر: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>