للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن قرأ بالياء، فقد كفانا سيبويه حيث قال: ومن ذلك قوله عز وجل:

(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) البخل (هُوَ خَيْراً لَهُمْ) ولم يذكر «البخل» اجتزاء لعلم المخاطب بأنه البخل، لذكره (يَبْخَلُونَ) .

ومن ذلك قول العرب: من كذب كان شراً له. يريدون: كان الكذب شراً له. إلا أنه استغنى بأن المخاطب علم أنه الكذب، لقوله: كذب، في أول حديثه، فصارت «هو» هاهنا وأخواتها بمنزلة ما إذا كانت لغوا في أنها لا تغير ما بعدها عن حاله، قبل أن تذكر.

ومن ذلك قوله تعالى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) «١» المعنى: لقبل عدتهن.

لأن العدة الحيض، والمرأة لا تطلق في حيضها.

ألا ترى أن ابن عمر «٢» لما طلق في الحيض، أمره بأن يراجعها ثم يطلقها. فإذا كانت العدة الحيض/، وكان النهى قد حصل وثبت عن الطلاق في الحيض، لم يجز أن يكون المراد إيقاع الطلاق في العدة، وإذا لم يجز ذلك ثبت أنه لقبل عدتهن، إذ ذلك هو الظرف، وهو المأمور بإيقاع الطلاق [فيه] «٣» ومن ذلك قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) «٤» المعنى:

خذ من مال كل واحد منهم. كقوله تعالى: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) «٥» المعنى: فاجلدوا كل واحد.

ألا ترى أنه لا تفرق الثمانون على الجماعة، إنما يضرب كلّ واحد ثمانين.


(١) الطلاق: ١.
(٢) في الأصل: «أن أبو عمر» تحريف. والتصويب من الجامع لأحكام القرآن (١٨: ١٥١) . وكان عبد الله بن عمر قد طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ليراجعها ثم ليمسكها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضها قبل أن يمسها» .
(٣) تكملة يقتضيها السياق.
(٤) التوبة: ١٠٣. [.....]
(٥) النور: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>