للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

/ قال الله تعالى: (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) «١» وقد قال أبو سعيد «٢» في شرح «هذا» في الفصل الأول: ويجوز هذا أنت. وإذا صرنا إلى ذلك بينا. ثم صار إلى ذلك الموضع، قال: والذي حكاه أبو الخطاب عن العرب من قوله: هذا أنا، وأنا هذا، هو في معنى: ها أنا ذا، ولو ابتدأ إنسان على غير الوجه الذي ذكرناه فقال: هذا أنت، وهذا أنا، يريد أن يعرفه نفسه، كان محالا، لأنه إذا أشار إلى نفسه فالإخبار عنه ثابت لا فائدة فيه، لأنك إنما تعلمه أنه ليس غيره، ولو قلت: ما زيد غير زيد، وليس غير زيد، كان لغواً لا فائدة فيه، وإذا قلت: هذا أنت، والإشارة إلى غير المخاطب جاز، وبمعناه: هذا مثلك، كما تقول: زيد عمرو، على معنى: زيد مثل عمرو.

والذي حكاه يونس عن العرب: هذا أنت تقول كذا وكذا، هو مثل قوله:

(ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) «٣» لأن قولهم: هذا أنت، كقولك: أنت هذا، أحدهما مبتدأ والآخر خبره، أيهما شئت جعلته المبتدأ والآخر الخبر.

والوجه الآخر في قوله: (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) «٤» أن يكون «أنتم» مبتدأ، و «هؤلاء» الخبر، و «تقتلون» في موضع الحال.

والكوفيون يزعمون أن التقدير: ثم أنتم تقتلون، ابتداء وخبر، و «هؤلاء» دخل للتقريب.

ويجوز أن يكون «هؤلاء» بمعنى «الذين» ، أي: الذين تقتلون أنفسكم، كما جاز: أنت الذي فعلت. وقد ذكرنا أنه لا يحمل على: «ثم أنتم يا هؤلاء»


(٤- ٣- ١) البقرة: ٨٥. [.....]
(٢) هو: أبو سعيد السيرافي الحسن بن عبد الله، توفي سنة ٣٦٨ هـ. ومن كتبه: شواهد سيبويه.
والمدخل إلى كتاب سيبويه. (البغية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>