للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي «صَحِيحِ مسلم» عَنْ طارق بن سويد الجعفي، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَمْرِ، فَنَهَاهُ، أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» «١» .

وَفِي «السُّنَنِ» أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْخَمْرِ يُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ، فَقَالَ: «إِنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِالدَّوَاءِ» ، رَوَاهُ أبو داود، وَالتِّرْمِذِيُّ «٢» .

وَفِي «صَحِيحِ مسلم» عَنْ طارق بن سويد الحضرمي، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ بِأَرْضِنَا أَعْنَابًا نَعْتَصِرُهَا فَنَشْرَبُ مِنْهَا، قَالَ: «لَا» فَرَاجَعْتُهُ، قُلْتُ: إِنَّا نَسْتَشْفِي لِلْمَرِيضِ، قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشِفَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» «٣» .

وَفِي «سُنَنِ النَّسَائِيِّ» أَنَّ طَبِيبًا ذَكَرَ ضِفْدَعًا فِي دَوَاءٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَاهُ عَنْ قَتْلِهَا «٤» .

وَيُذْكَرُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَدَاوَى بِالْخَمْرِ، فَلَا شَفَاهُ اللَّهُ» «٥» .

الْمُعَالَجَةُ بِالْمُحَرَّمَاتِ قَبِيحَةٌ عَقْلًا وَشَرْعًا، أَمَّا الشَّرْعُ فَمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا الْعَقْلُ، فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا حَرَّمَهُ لِخُبْثِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ طَيِّبًا عُقُوبَةً لَهَا، كَمَا حَرَّمَهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِقَوْلِهِ: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ «٦» . وَإِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا حَرَّمَ لِخُبْثِهِ، وَتَحْرِيمُهُ لَهُ حَمِيَّةً لَهُمْ، وَصِيَانَةً عَنْ تَنَاوُلِهِ، فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يُطْلَبَ بِهِ الشِّفَاءُ مِنَ الْأَسْقَامِ وَالْعِلَلِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ أَثَّرَ فِي إِزَالَتِهَا، لَكِنَّهُ يُعْقِبُ سَقَمًا أَعْظَمَ مِنْهُ فِي الْقَلْبِ بِقُوَّةِ الْخُبْثِ الَّذِي فِيهِ، فَيَكُونُ الْمُدَاوَى بِهِ قَدْ سَعَى فِي إِزَالَةِ سُقْمِ الْبَدَنِ بسقم القلب.


(١) أخرجه مسلم في الأشربة
(٢) أخرجه أبو داود في الطب، والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه ابن حبان
(٣) أخرجه أحمد في مسنده. ولم يخرجه الإمام مسلم
(٤) أخرجه النسائي في الصيد، وأحمد، وأخرجه أبو داود والحاكم. وإسناده قوي
(٥) أخرجه أبو نعيم في الطب بلفظ: «من تداوى بحرام لم يجعل الله فيه شفاء» .
(٦) النساء- ١٦٠

<<  <   >  >>