بقراط: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، فَهُوَ مُقَدَّرٌ عَلَى سَبْعَةِ أَجْزَاءَ، وَالنُّجُومُ سَبْعَةٌ، وَالْأَيَّامُ سَبْعَةٌ، وَأَسْنَانُ النَّاسِ سَبْعَةٌ، أَوَّلُهَا طِفْلٌ إِلَى سَبْعٍ، ثُمَّ صَبِيٌّ إِلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ مُرَاهِقٌ، ثُمَّ شَابٌّ، ثُمَّ كَهْلٌ، ثُمَّ شَيْخٌ، ثُمَّ هَرَمٌ إِلَى مُنْتَهَى الْعُمُرِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحِكْمَتِهِ وَشَرْعِهِ، وَقَدْرِهِ فِي تَخْصِيصِ هَذَا الْعَدَدِ هَلْ هُوَ لِهَذَا الْمَعْنَى أَوْ لِغَيْرِهِ؟.
وَنَفَعَ هَذَا الْعَدَدُ مِنْ هَذَا التَّمْرِ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ مِنْ هَذِهِ الْبُقْعَةِ بِعَيْنِهَا مِنَ السَّمِّ وَالسِّحْرِ، بِحَيْثُ تَمْنَعُ إِصَابَتُهُ، مِنَ الْخَوَاصِّ الَّتِي لَوْ قَالَهَا بقراط وجالينوس وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَطِبَّاءِ، لَتَلَقَّاهَا عَنْهُمُ الْأَطِبَّاءُ بِالْقَبُولِ وَالْإِذْعَانِ وَالِانْقِيَادِ، مَعَ أَنَّ الْقَائِلَ إِنَّمَا مَعَهُ الْحَدْسُ وَالتَّخْمِينُ وَالظَّنُّ، فَمَنْ كَلَامُهُ كُلُّهُ يَقِينٌ، وَقَطْعٌ وَبُرْهَانٌ، وَوَحْيٌ أَوْلَى أَنْ تُتَلَقَّى أَقْوَالُهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ، وَتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ. وَأَدْوِيَةُ السُّمُومِ تَارَةً تَكُونُ بِالْكَيْفِيَّةِ، وتارة تتكون بِالْخَاصِّيَّةِ كَخَوَاصِّ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْجَارِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْيَوَاقِيتِ، والله أعلم.
فَصْلٌ
وَيَجُوزُ نَفْعُ التَّمْرِ الْمَذْكُورِ فِي بَعْضِ السُّمُومِ، فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، وَيَجُوزُ نَفْعُهُ لِخَاصِّيَّةِ تِلْكَ الْبَلَدِ، وَتِلْكَ التُّرْبَةِ الْخَاصَّةِ من كل سم، ولكن ها هنا أمر لابد مِنْ بَيَانِهِ، وَهُوَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ انْتِفَاعِ الْعَلِيلِ بِالدَّوَاءِ قَبُولَهُ، وَاعْتِقَادَ النَّفْعِ بِهِ، فَتَقْبَلُهُ الطَّبِيعَةُ، فَتَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى دَفْعِ الْعِلَّةِ، حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُعَالَجَاتِ يَنْفَعُ بِالِاعْتِقَادِ، وَحُسْنِ الْقَبُولِ، وَكَمَالِ التَّلَقِّي، وَقَدْ شَاهَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ عَجَائِبَ، وَهَذَا لِأَنَّ الطَّبِيعَةَ يَشْتَدُّ قَبُولُهَا لَهُ، وَتَفْرَحُ النَّفْسُ بِهِ، فَتَنْتَعِشُ الْقُوَّةُ، وَيَقْوَى سُلْطَانُ الطَّبِيعَةِ، وَيَنْبَعِثُ الْحَارٌّ الْغَرِيزِيٌّ، فَيُسَاعِدُ عَلَى دَفْعِ الْمُؤْذِي، وَبِالْعَكْسِ يَكُونُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَدْوِيَةِ نَافِعًا لِتِلْكَ الْعِلَّةِ، فَيَقْطَعُ عَمَلَهُ سُوءُ اعْتِقَادِ الْعَلِيلِ فِيهِ، وَعَدَمُ أَخْذِ الطَّبِيعَةِ لَهُ بِالْقَبُولِ، فَلَا يُجْدِي عَلَيْهَا شَيْئًا. وَاعْتَبَرَ هَذَا بِأَعْظَمِ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَشْفِيَةِ، وَأَنْفَعِهَا لِلْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ، وَالْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، كَيْفَ لَا يَنْفَعُ الْقُلُوبَ الَّتِي لَا تَعْتَقِدُ فِيهِ الشِّفَاءَ وَالنَّفْعَ، بَلْ لَا يَزِيدُهَا إِلَّا مَرَضًا إِلَى مَرَضِهَا، وَلَيْسَ لِشِفَاءِ الْقُلُوبِ دَوَاءٌ قَطُّ أَنْفَعُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ شِفَاؤُهَا التَّامُّ الْكَامِلُ الَّذِي لَا يُغَادِرُ فِيهَا سَقَمًا إِلَّا أَبْرَأَهُ، وَيَحْفَظُ عَلَيْهَا صِحَّتَهَا الْمُطْلَقَةَ، وَيَحْمِيهَا الْحَمِيَّةَ التَّامَّةَ مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ ومضر،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute