للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي عِلَاجِ اسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ

فِي «الصَّحِيحَيْنِ» : مِنْ حَدِيثِ أبي المتوكل، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ، فَقَالَ: «اسْقِهِ عَسَلًا» ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: قَدْ سَقَيْتُهُ، فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ شَيْئًا. وَفِي لَفْظٍ: فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ:

«اسْقِهِ عَسَلًا» ، فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: «صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ» «١» .

وَفِي «صَحِيحِ مسلم» فِي لَفْظٍ لَهُ: «إِنَّ أَخِي عَرِبَ بَطْنُهُ» ، أَيْ فَسَدَ هَضْمُهُ، وَاعْتَلَّتْ مَعِدَتُهُ، وَالِاسْمُ الْعَرَبُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالذَّرَبُ أَيْضًا.

وَالْعَسَلُ فِيهِ مَنَافِعُ عَظِيمَةٌ، فَإِنَّهُ جَلَاءٌ لِلْأَوْسَاخِ الَّتِي فِي الْعُرُوقِ وَالْأَمْعَاءِ وَغَيْرِهَا، مُحَلِّلٌ لِلرُّطُوبَاتِ أَكْلًا وَطِلَاءً، نَافِعٌ لِلْمَشَايِخِ وَأَصْحَابِ الْبَلْغَمِ، وَمَنْ كَانَ مِزَاجُهُ بَارِدًا رَطْبًا، وَهُوَ مُغَذٍّ مُلَيِّنٌ لِلطَّبِيعَةِ، حَافِظٌ لِقُوَى الْمَعَاجِينِ وَلِمَا اسْتُودِعَ فِيهِ، مُذْهِبٌ لِكَيْفِيَّاتِ الْأَدْوِيَةِ الْكَرِيهَةِ، مُنَقٍّ لِلْكَبِدِ وَالصَّدْرِ، مُدِرٌّ لِلْبَوْلِ، مُوَافِقٌ لِلسُّعَالِ الْكَائِنِ عَنِ الْبَلْغَمِ، وَإِذَا شُرِبَ حَارًّا بِدُهْنِ الْوَرْدِ، نَفَعَ مِنْ نَهْشِ الْهَوَامِّ، وَشُرْبِ الْأَفْيُونِ، وَإِنْ شُرِبَ وَحْدَهُ مَمْزُوجًا بِمَاءٍ نَفَعَ مِنْ عَضَّةِ الْكَلْبِ الْكَلِبِ، وَأَكْلِ الْفِطْرِ» «٢» الْقَتَّالِ، وَإِذَا جُعِلَ فِيهِ اللَّحْمُ الطَّرِيُّ، حَفِظَ طَرَاوَتَهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ إِنْ جُعِلَ فِيهِ الْقِثَّاءُ، وَالْخِيَارُ، وَالْقَرْعُ، وَالْبَاذِنْجَانُ، وَيَحْفَظُ كَثِيرًا مِنَ الْفَاكِهَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَيَحْفَظُ جُثَّةَ الْمَوْتَى، وَيُسَمَّى الْحَافِظَ الْأَمِينَ. وَإِذَا لُطِّخَ بِهِ الْبَدَنُ الْمُقَمِّلُ وَالشَّعْرُ، قَتَلَ قَمْلَهُ وَصِئْبَانَهُ، وَطَوَّلَ الشَّعْرَ، وَحَسَّنَهُ، وَنَعَّمَهُ، وَإِنِ اكْتُحِلَ بِهِ، جَلَا ظُلْمَةَ الْبَصَرِ، وَإِنِ اسْتُنَّ بِهِ، بَيَّضَ الْأَسْنَانَ وَصَقَلَهَا، وَحَفِظَ صِحَّتَهَا، وَصِحَّةَ اللَّثَةِ، وَيَفْتَحُ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ، وَيُدِرُّ الطَّمْثَ، وَلَعْقُهُ على الريق


(١) أخرجه البخاري في الطب ومسلم في السلام.
(٢) «الفطر» ضرب من الكمشأة قتّال. قاموس.

<<  <   >  >>