وَإِذَا أُذِيبَ الْأَنْزَرُوتُ بِمَاءٍ، وَلُطِخَ عَلَى دَاخِلِ الْحَلْقَةِ، ثُمَّ ذُرَّ عَلَيْهَا الشُّونِيزُ، كَانَ مِنَ الذَّرُورَاتِ الْجَيِّدَةِ الْعَجِيبَةِ النَّفْعِ مِنَ الْبَوَاسِيرِ، وَمَنَافِعُهُ أَضْعَافُ مَا ذَكَرْنَا، وَالشَّرْبَةُ مِنْهُ دِرْهَمَانِ، وَزَعَمَ قوم أن الإكثار منه قاتل.
حرير: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَهُ للزبير، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا، وَتَقَدَّمَ مَنَافِعُهُ وَمِزَاجُهُ، فلا حاجة إلى إعادته.
حرف: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيُّ: هَذَا هُوَ الْحَبُّ الَّذِي يُتَدَاوَى بِهِ، وَهُوَ الثُّفَّاءُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَبَاتُهُ يُقَالُ لَهُ: الْحُرْفُ، وَتُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ:
الرُّشَادُ، وَقَالَ أبو عبيد: الثُّفَّاءُ: هُوَ الْحُرْفُ.
قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ، مَا رَوَاهُ أبو عبيد وَغَيْرُهُ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَاذَا فِي الْأَمَرَّيْنِ مِنَ الشِّفَاءِ؟
الصَّبِرُ وَالثُّفَّاءُ» رَوَاهُ أبو داود فِي الْمَرَاسِيلِ.
وَقُوَّتُهُ فِي الْحَرَارَةِ وَالْيُبُوسَةِ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ يُسَخِّنُ، وَيُلَيِّنُ الْبَطْنَ، وَيُخْرِجُ الدُّودَ وَحَبَّ الْقَرَعِ، وَيُحَلِّلُ أَوْرَامَ الطِّحَالِ، وَيُحَرِّكُ شهوة الجماع، ويجلو الجرب المتقرّح والقوباء.
وإذ ضُمِّدَ بِهِ مَعَ الْعَسَلِ، حَلَّلَ وَرَمَ الطِّحَالِ، وَإِذَا طُبِخَ مَعَ الْحِنَّاءِ أَخْرَجَ الْفُضُولَ الَّتِي فِي الصَّدْرِ، وَشُرْبُهُ يَنْفَعُ مِنْ نَهْشِ الْهَوَامِّ وَلَسْعِهَا، وَإِذَا دُخِّنَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ، طَرَدَ الهوامّ عنه، ويمسك الشعر المتساقط، وإذا لط بِسَوِيقِ الشَّعِيرِ وَالْخَلِّ، وَتُضُمِّدَ بِهِ، نَفَعَ مِنْ عرق النساء، وَحَلَّلَ الْأَوْرَامَ الْحَارَّةَ فِي آخِرِهَا.
وَإِذَا تُضُمِّدَ بِهِ مَعَ الْمَاءِ وَالْمِلْحِ أَنْضَجَ الدَّمَامِيلَ وَيَنْفَعُ مِنَ الِاسْتِرْخَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَيَزِيدُ فِي الْبَاهِ، وَيُشَهِّي الطَّعَامَ وَيَنْفَعُ الرَّبْوَ، وَعُسْرَ التَّنَفُّسِ، وغلظ الطحال، وينقي الرئة، ويرّ الطَّمْثَ، وَيَنْفَعُ مِنْ عِرْقِ النَّسَا، وَوَجَعِ حُقِّ الْوَرِكِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْفُضُولِ، إِذَا شُرِبَ أَوِ احْتُقِنَ بِهِ، وَيَجْلُو مَا فِي الصَّدْرِ وَالرِّئَةِ مِنَ الْبَلْغَمِ اللَّزِجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute