للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يضره ذلك اليوم سم ولا سحر» .

وفي «سُنَنِ النَّسَائِيِّ» وَابْنِ مَاجَهْ: مِنْ حَدِيثِ جابر، وأبي سعيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَجْوَةُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَهِيَ شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ، وَالْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» «١» .

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا فِي عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ، وَهِيَ أَحَدُ أَصْنَافِ التَّمْرِ بِهَا، وَمِنْ أَنْفَعِ تَمْرِ الْحِجَازِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ صِنْفٌ كَرِيمٌ، مُلَذَّذٌ، مَتِينٌ لِلْجِسْمِ وَالْقُوَّةِ، مِنْ أَلْيَنِ التَّمْرِ وَأَطْيَبِهِ وَأَلَذِّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ التَّمْرِ وَطَبْعِهِ وَمَنَافِعِهِ فِي حَرْفِ التَّاءِ، وَالْكَلَامُ عَلَى دَفْعِ الْعَجْوَةِ لِلسُّمِّ وَالسِّحْرِ، فَلَا حاجة لإعادته.

عنبر تَقَدَّمَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ جابر، فِي قِصَّةِ أبي عبيدة، وَأَكْلِهِمْ مِنَ الْعَنْبَرِ شَهْرًا، وَأَنَّهُمْ تَزَوَّدُوا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَرْسَلُوا مِنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَحَدُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إباحة ما في البحر لا يختص بالمسك، وَعَلَى أَنَّ مَيْتَتَهُ حَلَالٌ، وَاعْتُرِضَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَحْرَ أَلْقَاهُ حَيًّا، ثُمَّ جَزَرَ عَنْهُ الْمَاءُ، فَمَاتَ، وَهَذَا حَلَالٌ، فَإِنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ مُفَارَقَتِهِ لِلْمَاءِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا وَجَدُوهُ مَيِّتًا بِالسَّاحِلِ، وَلَمْ يُشَاهِدُوهُ قَدْ خَرَجَ عَنْهُ حَيًّا، ثُمَّ جَزَرَ عَنْهُ الْمَاءُ.

وَأَيْضًا: فَلَوْ كَانَ حَيًّا لَمَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ إِلَى سَاحِلِهِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبَحْرَ إِنَّمَا يَقْذِفُ إِلَى سَاحِلِهِ الْمَيِّتَ مِنْ حَيَوَانَاتِهِ لَا الْحَيَّ مِنْهَا.

وَأَيْضًا: فَلَوْ قُدِّرَ احْتِمَالُ مَا ذَكَرُوهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْإِبَاحَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ الشَّيْءُ مَعَ الشَّكِّ فِي سَبَبِ إِبَاحَتِهِ، وَلِهَذَا مَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَكْلِ الصَّيْدِ إِذَا وَجَدَهُ الصَّائِدُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِ مَوْتِهِ، هَلْ هُوَ الْآلَةُ أَمِ الْمَاءُ؟.

وَأَمَّا الْعَنْبَرُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الطِّيبِ، فهو من أفخر انواعه بعد المسك،


(١) أخرجه الترمذي في الطب، وأحمد وابن ماجه.

<<  <   >  >>